جابر الأنصاري والجمل.
جاء جابر بالجمل فاشتراه الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما قبض جابر الثمن رد عليه الجمل، وقال له: خذ الثمن والجمل، بارك الله لك فيه، قال بعضهم: ليذكره بأن الله هدى أباه عبد الله بن عمرو ثم وفقه للشهادة ثم رد عليه روحه، ثم أدخله الجنة ثم كلمه:
تلك المكارم لا قصور قضاعة الذل في جنبات تلك يصفق
نار تضيء على الثنية في الدجى سرب الجموع على القرى يتدفق
جابر بن عبد الله يقرأ المدح في أبيه كل صباح: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:169] ما أجل الذبح! وما أحسن المدح!
ما كان لأهل الصحوة ومن حولهم من المحبين أن يتخلفوا عن قافلة محمد صلى الله عليه وسلم، ذلك بأنه لا يصيبهم ضمأ المشقة والبذل، ولا يطئون موطأً يغيض كل كافر ونذل، إلا كتب لهم في الصحائف كما وعُد بذلك في المصاحف.
أراد المعتصم أن يغزو الروم، قال المنجمون: البرج في الذنب، فلا تخرج للغزو وقت الذنب والعقرب في البروج، قال: ما أعرف الذنب من العقرب، هذا الذنب ومد سيفه، وهذا العقرب ومد رمحه، وأفتاه أبو تمام بجواز الخروج، وقال له في الفتوى:
والعلم في شهب الأرماح لامعة بين الخميسين لا في السبعة الشهب
بهارج وأحاديث ملفقة ليست بنبع إذا عدت ولا غرب
الأنصاري وقل هو الله أحد:
صلى إمام الأنصار بهم، فكان يقرأ في كل ركعة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] مع سورة، فقيل له: إما أن تكتفي بها وإما أن تقرأ غيرها، قال: إما أن أصلي بكم وأقرأها وإما أن أعتزل الإمامة، فسأله المعصوم عليه الصلاة والسلام: {لماذا تقرأها في كل ركعة؟
قال: لأن فيها صفة الرحمن فأنا أحبها -فتوجه بتاج- حبك إياها أدخلك الجنة}:
وداعٍ دعا إذ نحن بـ الخيف من منى فهيج أشواق الفؤاد وما يدري
دعى باسم ليلى غيرها فكأنما أطار بليلى طائراً كان في صدري
أولئك القوم يحبهم ويحبونه، فخلف من بعدهم خلف لا يحبهم ولا يحبونه، والعياذ بالله.
ابن رواحة الأنصاري بايع الرسول عليه الصلاة والسلام في العقبة، وبعد العقد قال: {ربح البيع والله لا نقيل ولا نستقيل} وتفرقا من المجلس، وفي الصحيحين: {البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإذا تفرقا فقد وجب البيع} فجاء ابن رواحة بالثمن فدفعه في مؤتة:
فما مات حتى مات مضرب سيفه من الضرب واعتلت عليه القنا السمر
موقف:
هل سألت الشمس عنا والقمر يوم حررنا من الرق البشر
ولوينا رأس كسرى في الوغى ونصبنا العدل في دار عمر