إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
هذا اليوم التاسع عشر من شهر ذي الحجة عام (1412) من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام، وهذه المحاضرة هي الحلقة الأولى من درس بعنوان: (مصارع العشاق) وهذه بنيات فكر ضمرت مرائرها، وسرحت ضفائرها، سموها ما شئتم، مقامات أدبية، أو صولات خطابية، إلياذة أو ملحمة، المهم أنني آمنت بأفكارها، وتبطنت أسرارها، فإن كنتم ممن يدخل في هذا العنوان: (مصارع العشاق) فحسن؛ وإلا فقد حصل الاتفاق، فالسماع يكفي، والحضور يشفي، ولعل من هو أورع مني يلومني ولم يدر عني، حيث أني أركبت الكلام مركب المجاز، والظاهر عندي الجواز، ولكن -أيها الإخوة الكرام- أستأذنكم في هذا الهتاف:
وقفنا ببابك يا ذا الملك وزرنا رحابك والملك لك
وجئناك نطوي قفار السهاد وما خاب يا رب من أملك
اللهم فأجزل العطيه، واغفر الخطيئة، وأصلح النية، وأحينا الحياة الرضية.
اللهم إن سلاطين الأرض أغلقوا الأبواب، ووضعوا الحجاب، وسدوا حاجات الطلاب، وبابك مفتوح، ونوالك ممنوح، وخيرك يغدو ويروح.
اللهم فأصلح القلوب، واغفر الذنوب، واستر العيوب.
يا رب أول شيء قاله خلدي أني دعوتك في الآصال والسحر
فوالذي قد هدى قلبي لطاعته لحب دينك في سمعي وفي بصري
يا كريماً! الكرماء بخلاء عند جودك.
يا قوياً! الأقوياء مهازيم في قيودك.
يا قاهراً! النواصي في قبضات جنودك.
اللهم فارحم الفجيعة، وصل القطيعة، واغفر الذنوب الفضيعة، واحمنا بالأستار المنيعة، وأدخلنا الرحمة الوسيعة.
اللهم خذ الكفار والمنافقين، واسحق الفجار والمارقين، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.
اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والدعاة والعلماء والصالحين بسوء فأبطل بأسه، ونكس رأسه، واجعل النار لباسه، وشرد بالخوف نعاسه.
اللهم من دبر لأوليائك المكائد، ولعبادك الشدائد، فقطِّع مفاصله، وأصب مقاتله، واحبك سلاسله، وانسف معاقله.
اللهم يا من أنجى من النار الخليل، وأيد اليتيم بجبريل، ودمر أبرهة والفيل، ومزق الغزاة بطير أبابيل، نسألك أن تكف كف المعتدي، وأنت تلوي ساعد الردي، وأن تمنع الأخيار من كل يد.
وكنت إذا الطغيان أظهر بأسه وسل علينا سيفه وخناجره
دعوتك فاستنهضت بالفضل نصرتي فزلزل بالعزم الأكيد محاجره
اللهم إن ألسنتنا سبحت في علاك، ورءوسنا ما سجدت لسواك، يا من ترانا ولانراك، لا نعبد إلا إياك، نسألك أشرف المنازل في القصور، وسكن الجنة بالحبور، ومصاحبة النعيم والحور، والنظرة والسرور.
شجون في رضاك سرت حنينا وذاب القلب مما قد لقينا
وظل الدمع يخلف في المآقي شذا نفحاته من ياسمينا
ويهتف كل قلب فيك حباً كأن نداءه من طور سينا
اللهم إن الملاحدة ما صلوا وصلينا، وما قاموا وقمنا، هجروا السجود وسجدنا، وحاربوا بالباطل من عبدنا، اللهم كما وعدتهم الوعيد، وزلزلت قلوبهم بالتهديد، اللهم فأصلح بالنا، وحسّن حالنا، وقوِّ حبالنا، وأكرم مآلنا.
اللهم يا من على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، يا مرسل المعصوم فلا ينطق عن الهوى، وما ضل وما غوى، اللهم فاهدنا إذا دجت الظلمات، وأنقذنا إذا احلولكت الشبهات، وأكرمنا في أرفع الدرجات، وأجزل لنا الأعطيات.
لعمرك كم يجوب الهم صدري وطرف محاجري بالوجد يسري
أداوي أضلعي بالكي أرجو سلامتها فتصليني بجمري
اللهم يا من لا تعجزه الحاجات، ولا تضطرب لديه الأصوات، ولا تختلف عليه اللهجات، ولا تنقص جوده الهبات، اللهم فنفحة من نفحاتك، ورحمة من رحماتك، ونور من قبساتك، اللهم فاشف العلة، وسد الخلة، وانصر الملة، وارحم الذلة، اللهم أطلق المسلمين من المعتقلات، وسرح المأسورين من الزنزانات، واغفر للآباء والأمهات، وارحم الأحياء والأموات.
أنا عند الباب من أهل الحرم ودموعي كلها في الملتزم
أنا ذاك العبد من أخطاؤه في سجل خطه ذاك القلم
إن يكن يا رب عتبٌ ظاهرٌ فاعف عن أخطائنا يا ذا الكرم