Q هل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الله عز وجل أن يرجع الشمس من الغروب لكي يصلي بعض الصحابة العصر؟
صلى الله عليه وسلم هذه القصة ذكرها الحاكم والطحاوي والبغوي وبعض أهل السير، قالوا: إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه نام في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام حتى غربت الشمس وما صلى العصر، فما استيقظ إلا وقد غربت الشمس، فقال: يا رسول الله ما صليت العصر، وقد غربت الشمس، فسأل الرسول صلى الله عليه وسلم الله، فأعاد الشمس له حتى صلى العصر، وفي لفظ لهم: بل سأل علي رضي الله عنه وأرضاه ربه فأعاد له الشمس، وهذه القصة كذب، ولا يجوز إيرادها والاستدلال لها، وقد ردها ابن تيمية وابن كثير، وهذه القصة من الخرافات التي لام أهل العلم الحاكم صاحب المستدرك والطحاوي وأمثالهما على إيرادها.
وعلى كل حال؛ أبو تمام الشاعر ذكرها في قصائده ويثبتها ويقويها، لكن حججه كالزجاج إذا تكسر، لأنه شاعر، يقول:
فردت إلينا الشمس والليل راغمٌ بشمسٍ بدت من جانب الخدر تلمع
فوالله ما أدري علي بدا لنا فردت له أم كان في القوم يوشع
والصحيح: أن الله رد الشمس على يوشع، وهو كما قيل: غلام موسى الذي سافر معه، قال لغلامه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، فهذا الغلام كان نبياً رد الله له الشمس حتى قاتل والحديث صحيح، أما علي فلم يرد الله له الشمس، والقصة ليست بصحيحة ولا ثابتة عنه عليه الصلاة والسلام، ولذلك ذكرها ابن كثير في" البداية والنهاية " فقال: وقال شيخنا -يعني: ابن تيمية - إمام الأئمة هذه عادة الطحاوي أي: أن الطحاوي عادة لا يزيف القصص الزائفة، ثم نال ابن تيمية من الطحاوي قليلاً ولو أن الطحاوي حنفي محدث، وكذلك يفعل البغوي أحياناً، لكنهم تساهلوا، وقد لام الأئمة القاضي عياض رحمه الله على بعض القصص التي حشا بها كتاب" الشفا " حتى مرض" الشفا " وأصبح فيه حمى بسبب هذه القصص، ولو أنه من أحسن الكتب، حتى الذهبي لما ترجم للقاضي عياض، قال: وفي كتابه" الشفا " شيء، فعليك بـ دلائل النبوة للبيهقي؛ فإنه هدى ونور وشفاء لما في الصدور.