الاستقامة

والكلمة الرابعة الآن للأخ سعيد بن أحمد النعِّمي بعنوان (الاستقامة) فليتفضل:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت:30] والصلاة والسلام على خير الأنام وعلى آله وأصحابه الذين تمسكوا بسنته واستقاموا على دينه وسلم تسليماً كثيراً.

أمَّا بَعْد:

أيها المسلمون: اتقوا الله واعلموا أن الله سبحانه أمر عباده بالاستقامة عموماً وأمر نبيه بها خصوصاً، قال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [هود:112] فأمره ربنا أن يستقيم هو ومن تاب معه، وألا يجاوزوا ما أمر به، وأخبر أنه بصير بأعمالهم مطلع عليها، وذكر القشيري وغيره عن بعضهم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: {يا رسول الله! قلت: شيبتني هود وأخواتها} فما شيبك منها؟ قال: قوله: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} [هود:112].

والاستقامة هي: سلوك الصراط المستقيم وهو الدين القيم من غير عوج يمنة ولا يسرة، ويشمل ذلك فعل الطاعات كلها الظاهرة والباطنة، وترك المنهيات كلها، والاستقامة كلمة جامعة وهي: القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والوفاء بالعهد، فهي من جوامع الكلم، ولهذا لما جاء سفيان بن عبد الله رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: {يا رسول الله! قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، قال: قل: آمنت بالله ثم استقم} رواه مسلم، ولهذا فإن الشيطان يشم قلب العبد ويختبره، فإن رأى فيه إعراضاً عن الدين أو تكاسلاً عن الطاعة رغبه بالتساهل والتكاسل، حتى يتحلل من الدين فيترك الواجبات ويفعل المحرمات، ولا يزال يغريه حتى يقطع صلته بالدين ويتركه في متاهات الهلاك، وإن رأى من العبد حرصاً على الدين فلم يتمكن من صده عنه؛ أمره بالاجتهاد والجور على النفس ومجاوزة حد الاعتدال، قال بعض السلف: [[ما أمر الله بأمر إلا وللشيطان فيه نزعتان: إما إلى تفريط وإما إلى مجاوزة -وهي الإفراط- ولا يبالي بأيهما ظفر زيادةً أو نقصاناً]] فكل الخير في الاجتهاد المقرون بالاعتدال، والسير على منهج أهل السنة والجماعة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس لن يطيقوا الاستقامة حق الاستقامة، وكما خرجه الإمام أحمد وابن ماجة من حديث ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن} وفي رواية الإمام أحمد: {سددوا وقاربوا ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن} وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {سددوا وقاربوا} فالسداد: هو حقيقة الاستقامة وهو الإصابة في جميع الأقوال، والأعمال، والمقاصد، كالذي يرمي إلى هدف فيصيبه، والمقاربة: أن يصيب ما قرب من الهدف إذا لم يصب الهدف نفسه، لكنه مصمم وقاصد إصابة الغرض، فالمطلوب من العبد الاستقامة وهي: السداد، فإن لم يقدر عليها فالمقاربة، فإن لم يحصل منه سداد ولا مقاربة فهو مفرط مضيع والعياذ بالله.

فالحمد لله الذي لم يكلفنا ما لا نطيق، وشرع لنا ما يجبر تقصيرنا ويكمل نقصنا، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى:25] ويضاعف الحسنات فضلاً منه وتكرماً.

عباد الله! في الختام: يجب على كل مسلم أن يستقيم في عقيدته على عقيدة أهل السنة والجماعة، ويجب عليه أن يستقيم على محبة الله ورسوله، أسأل الله الواحد الأحد أن ينفعني وإياكم بما سمعتم، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأن يوفقنا وإياكم وجميع المسلمين الاستقامة على دينه حتى نلقاه وهو راض عنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

الشيخ عائض:

أيها الإخوة! أنا وإخواني نلحن في كلامنا، ولو أني صححت معهم قبل أن نحضر ولكننا نلحن جميعاً، وكما قال الأول:

سامح حبيبك إن فيه فهاهة بدوية ولك العراق وماؤها

ولكن الذي يتكلم ويخطئ أحسن من الذي لا يتكلم وهو جالس، ولذلك يقول الصينيون: الجالس لا يسقط، والذي لا يتحرك بهذا الدين، ولا يتفاعل مع مبادئ محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يعظ ولا يبلغ رسالة الله، ولا يحمل الميثاق وينتقد! هو أقل بكثير من هذا الذي يتكلم ولو أخطأ.

أيضاً أيها الإخوة! من أسباب خطئنا في اللغة العربية أننا ما لقنا، ولا حفظنا ولا عُلمنا القرآن ونحن أطفال، تصوروا أن من يدرس أطفالنا الآن القرآن في مساجدنا هم الأفغان والباكستان العجم، ولا أقولها من باب العنصرية أو القومية لكن العجم أصبحوا الآن يدرسون أبناءنا: الضاد ومخارج الضاد، أثابكم الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015