روى الزبيدي صاحب شرح القاموس أن أعرابياً قدم إلى عمر رضي الله عنه وأرضاه، فقال له عمر: [[أتحفظ شيئاً من القرآن -وهذه هي الميزة والأهلية, وهذه هي الأصالة عند الصحابة رضوان الله عليهم وأرضاهم- أتحفظ شيئاً من القرآن؟ قال الأعرابي: نعم.
-وظن أن عمر سوف يكتفي بهذا السؤال, ولا يمتحنه بعد هذا السؤال- فقال: نعم.
قال عمر: اقرأ عليّ أم القرآن -يعني: الفاتحة- قال الأعرابي: والله لا أحفظ البنات فكيف أحفظ الأم؟!! فضربه عمر بالعصا، ثم أدخله يتعلم عند الصحابة]] وكانت طريقة السلف بتعلم الحروف الهجائية, أنهم يبدءون بأبجد هوز, أي: جمع الحروف على هذا المستوى حتى تجمع وتفهم (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت) حتى ينتهوا من حروف الهجاء، فأتوا يعلمونه، فما فقه حرفاً، فلما سنحت له الفرصة فر من المدينة خائفاً يترقب، ثم قال شعراً وهو في الصحراء قال:
خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري
فلما فر قال:
أتيت مهاجرين فعلموني ثلاثة أسطر متتابعات
كتاب الله في رقٍّ صحيح وآيات القران مفصلات
فخطوا لي أبا جاد وقالوا تعلم سعفصاً وقريشات
وما أنا والكتابة والتهجي وما حظ البنين من البنات
فلقلة علم هذا الرجل بالعلم الأصيل، ما حرص على أن يتعلم، وهذا يصح شاهداً لمن لم يفهم ثمرة العلم, ولم يحرص عليه قال ابن الجوزي: يا ضعيف العزم! لو علمت فائدة العلم؛ لسهرت الليل, وأظمأت النهار، وجعلت نوافلك في العلم.
في كتاب الزهد للإمام أحمد بسند جيد عن معاذ أنه قال رضي الله عنه وأرضاه: [[تعلموا العلم، فإن مدارسته تسبيح، وتعليمه يعدل الصيام والقيام، وإن دعوة الناس إليه أفضل من الجهاد]] أو كما قال رضي الله عنه وأرضاه.