العابد في الصلاة, يقف مع زوجته عائشة يقطع معها اللحم، ويقمُّ البيت، ويخصف النعل عليه الصلاة والسلام, فيسمع الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر, قالت: {فيقوم كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه} كان يهتم ويغتم كما يهتم البشر ويغتمون, فإذا أتاه الهم والغم قال: {أرحنا بها يا بلال} أرحنا بالصلاة أسمعني الله أكبر, قرب لنا هذا الوقت.
وقل لـ بلال العزم من قلب صادق أرحنا بها إن كنت حقاً مصليا
توضأ بماء التوبة اليوم مخلصاً به ترقى أبواب الجنان الثمانيا
ويقف في الصلاة عليه الصلاة والسلام فيصلي فلا يتذكر إلا الله, ولا يخطر بباله إلا الله, فإذا هو الخاشع المخبت المنيب, يقوم الليل.
نامت الأعين إلا مقلة تذرف الدمع وترعى مضجعك
تقول عائشة: كان عليه الصلاة والسلام إذا قام من الليل -والحديث عند مسلم - يقول: {اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم} يقول ابن عباس -كما في الصحيحين - لما نام معه عليه الصلاة والسلام تلك الليلة فقام صلى الله عليه وسلم، وتوضأ وأتى إلى القبلة -اسمع إلى الدعاء اسمع إلى اختيار الكلمات التي تفجر القلوب- يقول: {اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد, أنت إله السماوات والأرض ومن فيهن، ولك والحمد, أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد, أنت الحق ووعدك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد صلى الله عليه وسلم حق, اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت؛ فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أنت أعلم به مني، لا إله إلا أنت} هذا دعاؤه عليه الصلاة والسلام, وهذه صلاته في السحر يوم تنام العيون.
قلت لليل هل في جوفك سر عامر بالحديث والأسرار
قال: لم ألقَ في حياتي حديثاً كحديث الأحباب في الأسحار
ويخبرنا عليه الصلاة والسلام بهذه الساعة, فيقول في الصحيحين: {ينزل ربنا حين يبقى ثلث الليل إلى سماء الدنيا فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من داعٍ فأجيبه؟}.