وقال عليه الصلاة والسلام: {أبايعك على أن تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤتي الزكاة، وتنصح لكل مسلم، وتبرأ من الشرك} رواه الإمام أحمد والنسائي عن جرير بن عبد الله البَجَلي، وسنده صحيح.
في الحديث قضايا:
بايع - صلى الله عليه وسلم - الصحابة أو المسلمين بيعات عدة:
منها: البيعة على الإسلام.
ومنها: البيعة على الهجرة.
ومنها: البيعة على الجهاد.
ومنها: البيعة على الموت، في حديث البراء تحت الشجرة.
ومنها: البيعة على ألا يسألوا أحداً من الناس.
وقد بايع سبعة: عوف بن مالك، ومن معه؛ فهي بيعات كثيرة.
وقوله هنا: {أبايعك على أن تعبد الله} هذه أكبر بيعة بايعها رسول الهدى -عليه الصلاة والسلام-.
{لا تشرك به شيئاً} هذه هي التخلية، يقولون: جمع في الحديث بين التَّحْلِيَة والتَّخْلِيَة، أي: يتخلى من الشرك ويعبد الله، فإن الذي لا يتخلى من الأضداد والأنداد، أو يوالي الكفار علىحساب المؤمنين، أو لا يتبرأ منهم، أو لا يرى أن دينهم باطل، أو أنهم منحرفون، أو يشايعهم، أو يوادهم، أو يقدمهم على المسلمين، أو يحبهم أكثر من المسلمين، أو يعاونهم في حروبهم ضد المسلمين؛ فليس بمسلم؛ لأن مفهوم الولاء والبراء عند أهل السنة والجماعة: أن تتبرأ من عدو الله، وأن توالي حبيب الله، وعند أبي داود بسند صحيح: {من أحب لله، وأبغض في الله، وأعطى في الله، ومنع في الله؛ فقد استكمل الإيمان}.
قال: {وتقيم الصلاة المكتوبة} هي التي بُوْيِع عليها، وهي الخمس الصلوات، وما زاد فنافلة.
{وتؤتي الزكاة} أي: المفروضة، أما الصدقة فنافلة.
{وتنصح لكل مسلم} قيل: إنه خصه بالنصيحة لكل مسلم؛ لأن جريراً سيد بجيلة، سيد قومه، فأمره أن ينصح لكل مسلم، و {الدين النصيحة} فكان ناصحاً حتى مات، وكان يقسم على المنبر في الكوفة: " أني لكم ناصح"، وكان إذا بايع الرجل في سلعة أو في تجارة خَيَّره بين الثمن وبين السلعة، وأخذ بهذا؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام خصه بهذا الأمر.
{وتبرأ من الشرك} ثم عاد عليه الصلاة والسلام الكلام عن البراء من الشرك، ومن الأضداد والأنداد والهيئات التي تعلن كفرها وإلحادها، أن يبرأ من جميعها.