والأبناء نعمة من النعم الجليلة، والله عز وجل ذكر عن الصالحين أنهم كانوا يقولون: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:7] ومن أحسن ما يجمل الحياة المال والبنون، فهم زينة الحياة الدنيا، وما أحسن من أن ترى أطفالك وأبناءك يترعرعون أمامك، ويهشون ويبشون بنور الإسلام، ويسجدون للواحد القيوم، ويرددون عليك آيات القرآن، ولكن إذا حكم الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بأخذهم فما لك من حيلة.
في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {يقول الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: ليس لعبدي المؤمن جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة} ولم يقل الولد ليخرج الأخ، ولم يقل الأخ ليخرج الأب، ولم يقل الأب ليخرج الصديق والصاحب، وإنما قال الصفي ليدخل الكل في هذا، وما أحسن هذا الكلام! فالصفي هو كل من أصابتك لوعة من فراقه، أو حرقة، أو حزن، عوضك الله عنه إذا صبرت واحتسبت الجنة.
وفي سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا مات ابن العبد المؤمن قال الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى -وهو أدرى للملائكة الذين قبضوا نفسه- قبضتم ابن عبدي المؤمن؟ قالوا: نعم يا رب! وهو أعلم، قال: قبضتم ثمرة فؤاده؟ قالوا: نعم يا رب! قال: فماذا قال عبدي؟ قالوا: حمدك واسترجع -أي: الحمد لله، إنا لله وإنا إليه راجعون- قال: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد} هذا الحديث حسن، والبيت هنا كالربابة البيضاء، أو كالكوكب الدري، مكتوب عليه بيت الحمد، يدخله الرجل الصالح يوم يحتسب مصيبته في ولده على الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
والمرأة المسلمة تشارك الرجل في هذه المصائب، بل ذكر صلى الله عليه وسلم للنساء في فوت الأطفال ما لم يذكر للرجال، فإنه قال لما زارهن: {ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كانوا لها حجاباً من النار، قالت: امرأة واثنين يا رسول الله -اثنين عدد المفعولية- قال: واثنين، قالت: وواحد -في بعض الروايات- قال: وواحد} فالحمد لله أن جعل فضل موت ابن واحد تحتسبه عند الله؛ دخول لك جنة عرضها السماوات والأرض بإذن الله.