Q ما وجه التحريم في الأغنية؟ هل هي نفس الكلمات في الأغنية، أم في العزف على العود أم كلاهما معاً؟
صلى الله عليه وسلم الأغنية من عزف وناي: {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:40] والكلمات في حد ذاتها يحلل فيها شيء ويحرم, فما كان في طاعة الله فهو كلام مباح، وما كان فيه بذاءة أو تشبه بامرأة أجنبية أو دعوة الناس إلى فاحشة أو زنا فهو محرم، ولذلك يقول ابن القيم: "الغناء بريد الزنا" وذكر هذا ابن تيمية في أول كتاب الاستقامة وابن القيم يلوم هؤلاء الذين صرفوا آذانهم لسماع الخنى والغناء عن سماع كلام الله، وأخبر في منظومته أن الله يحرمهم الغناء في الجنة, ففي مسند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن في الجنة جوار يغنين ويقلن: نحن الخالدات فلا نبيد, نحن الناعمات فلا نبأس.
طوبى لمن كنا له وكان لنا} [[وإذا اشتهى أهل الجنة -وهذا من كلام ابن عباس - أرسل الله ريحاً تهز ذوائب أغصان الجنة فيجدون غناءً]] أو كما قال.
قال ابن القيم في منظومته:
قال ابن عباس ويرسل ربنا ريحاً تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتاً تلذ لمسمع الـ إنسان كالنغمات بالأوزان
يا خيبة الآذان لا تتعوضي بلذاذة الأوتار والعيدان
إلى آخر ما قال.
وأما الغناء -في حد ذاته- الذي يصاحبه الكلام الفاحش فإنه محرم ولو لم يكن عليه موسيقى وعزف، فإذا صاحبه زادت حرمته لحديث أبي مالك الأشعري في صحيح البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم: {ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف} واستحلالها إنما يأتي بعد تحريمها.
وورد عند ابن خزيمة بسند جيد عن الزبير قال: قال صلى الله عليه وسلم: {إني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نعمة وصوت عند مصيبة} قالوا: الصوت عند النعمة هو العزف والغناء، وفي لفظ عند: نغمة، وصوت عند المصيبة هو صوت النائحة, وفي سنن أبي داود وفي سنده كلام عن ابن عمر: {أنه سمع زمارة راعٍ, فوضع أصبعيه في أذنيه حتى ولى، قال لمولاه: أتسمع؟ قال: لا.
فخلع أصبعيه، وقال: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم صنع كما صنعت}.
وفي قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [لقمان:6] قال ابن مسعود: [[أقسم بالله إنه الغناء]] وورد عن بعض المحدثين رفع هذا الحديث، والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود.
فالغناء ينبت النفاق في القلب كما بنبت البقل من المطر, وقد أجمع أهل السنة على أنه محرم ولم يخالف في ذلك إلا ابن حزم رحمه الله تعالى، وكان ظناً منه أن الحديث ضعيف والحديث -والحمد لله- في البخاري.