ابن تيمية خصم لكل المخالفين.
في كل يوم عنده معركة، ولا يهدأ أبداً.
حبسوه وأخذوا عليه تعهداً وقالوا: لا تهاجم البطائحية، فخرج من السجن فأول ما بدأ بـ البطائحية، فبطحهم على الأرض.
أدخلوه، وقالوا: لا تهاجم النصيرية، فلما خرج بدأ بهم، وأخذ المسلمين ودخل بهم في جبل كسروان يهاجم النصيرية.
قالوا: لا تكثر من مهاجمة المعتزلة، فألف فيهم.
سبحان الله! وكل يوم له حادث لأنه يريد أن يثبت لا إله إلا الله في الأرض، والذي يريد أن يثبت لا إله إلا الله، لا يتأتى له ذلك بسهولة، إنما بشيء من الدفع والبذل الباهض، والدم.
سيد قطب أراد أن يثبت لا إله إلا الله فذهب رأسه، لكن إلى جنة عرضها السموات والأرض.
سعيد الحلبي هذا عالم من علماء الشام، كان أعرج إذا أراد أن يجلس فإنه يمد رجله، فدخل عليه السلطان في المسجد، فقام الناس، أما سعيد الحلبي فما قام، وبقيت رجله ممدودة ولا يستطيع قبضها لأنه أعرج، فغضب السلطان فأراد أن يستدرجه، فذهب إلى البيت وقال: "خذوا هذا الكيس من الذهب، وأعطوه لـ سعيد الحلبي، فإذا قبله قطفت رأسه" فأتوا وهو يدرس في المسجد، فأخذوا الكيس فصبوه على سجادته، وهو يدرس عله أن يقبله، فأخذ السجادة ولفها، وفتح النافذة من القبلة، ورمى بالذهب والسجادة وقال: "قل للسلطان: إن الذي يمد رجله لا يمد يده! ".
وابن تيمية -رحمه الله- له مواقف مشهودة.
منها أنه لما كان مرة في السوق، وكثير من الناس الآن أموات القلوب يسمعون ويرون المنكر، لكن يقولون: يا أخي! لا تدخل نفسك، عليك بنفسك، كل أكلك واسكت.
فسمع ابن تيمية رجلاً يسب الرسول عليه الصلاة والسلام -نصراني اسمه عساف عسف الله عنقه- قال ابن تيمية: "تسبه! واستدعى أهل السوق فأتوا فضربوا النصراني بالأحذية.
وارتفعت القضية للسلطان، وأتى المنافقون وشهدوا على أن ابن تيمية المخطئ -سبحان الله!! - بعض المنافقين من المسلمين شهدوا على ابن تيمية للنصراني، فأتى السلطان، وقال: يجلد ابن تيمية الآن، فجلدوه في المجلس، لكن:
إن كان سركمُ ما قال حاسدنا فما لجرح إذا أرضاكمُ ألمُ
خرج من الديوان، وكتب رسالة الصارم المسلول على شاتم الرسول عليه الصلاة والسلام.
وكان يقول: "إنها من أحسن الأيام، يوم ضُربت من أجل الرسول عليه الصلاة والسلام".
ألا إن وادي الجزع أضحى ترابه من المسك كافوراً وأعواده رندا
وما ذاك إلا أن هنداً عشية تمشت وجرت في جوانبه بردا
وقال الآخر، وقد مضى إلى محبوبه أو محبوبته في الليل، فسقط عشرين مرة في الوادي في ظلام الليل، وتجرح وأصابه الشوك، من أجل محبوبه، فيقول:
جزى الله المسير إليكِ خيراً ولو كنا تعبنا في الطريقِ
فكم من ليلة في الله بتنا نراعي الفجر من أجل الرفيقِ
أما ابن تيمية فسقط وجرح من أجل لا إله إلا الله، ومن أجل محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه ميزة ابن تيمية أيها الأخيار.