توفي صلى الله عليه وسلم وكان من أحب الناس إليه بلال، ومن أندى الأصوات لديه صوت بلال، فلما أتى أبو بكر قال: أذن يا بلال؟ قال: والله لا أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال له أبو بكر: لم لا تؤذن؟
قال: ما كنت أرفع صوتي مؤذناً إلا له صلى الله عليه وسلم، ثم استأذن أبا بكر أن يخرج إلى الشام فقال أبو بكر: لا آذن لك.
قال بلال: إن كنت أعتقتني لوجه الله؛ فاتركني أخرج للشام للجهاد -وأبو بكر يريد أن يستأنس بـ بلال وهو معه- وإن كنت أعتقتني لنفسك؛ فلك ما ترى وسوف أبقى؛ فدمعت عينا أبي بكر رضي الله عنه، وقال: أعتقتك لوجه الله فاخرج.
فخرج إلى الشام، وبقي هناك، وفي بعض السير أنه رأى -وهو في حمص - الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: هجرتنا يا بلال من الزيارة، فقام يبكي في الليل وشد راحلته وأتى المدينة -ولو أن في هذا السند ضعفاً لكنه جبر بطرقه- فقدم فلما وصل المدينة رآه الصحابة فكأنهم يرونه لأول مرة، فعانقوه وهم يبكون، ولما فتح عمر رضي الله عنه بيت المقدس قال: يا بلال! قم أذن للظهر.
فقد فتح بيت المقدس.
قال: اعفني يا أمير المؤمنين! قال: سألتك بالله أن تؤذن.
فقام فأذن قالوا: فما بقيت عين إلا بكت ذاك اليوم.
هذا بلال رضي الله عنه، أحد أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أهل الحبشة الذين نعيش معهم ونسمع إلى أخبارهم ومراسيمهم وإلى عيدهم أمام الرسول صلى الله عليه وسلم.