ما هو هذا السجود الذي يريده سُبحَانَهُ وَتَعَالَى من الملائكة؟ وهل يجوز صرف السجود لغير الله؟
وفي الحديث الصحيح: {أن معاذاً أتى من الشام، فقال: يا رسول الله! رأيت العجم يسجدون لملوكهم، وأنت أولى أن نسجد لك، فقال عليه الصلاة والسلام: لو أمرت أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها, لعظم حقه عليها، ولكن لا يكون إلا لله} أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
وهي سجدة التشريف، فيوم تضع جبينك في الأرض على التراب يرفعك الله درجات.
ففي صحيح مسلم عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة}.
وفي صحيح مسلم أيضاً، عن ربيعة بن كعب وضبط ابن مالك الأسلمي قال: {قلت: يا رسول الله! أريد مرافقتك في الجنة، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود}.
فكلما سجدت لله رفعك، وكلما سجدت تحررت من العبادة لغير الله، من عبادة الوظائف والطواغيت والمناصب والدراهم والدنانير.
فهل هذا السجود الذي أمر الله به الملائكة هو السجود على الأرض مثلما نسجد في الصلاة؟
لأهل العلم قولان:
القول الأول: معناه الانحناء والخضوع, أي: يدهده رأسه ويخضع.
والقول الثاني: أن يسجد في الأرض, ويكون السجود لله ولكن تكريماً لآدم وإجابة لأمر الله تبارك وتعالى.
والرأي الثاني هو الصحيح.
وكان في شرع من قبلنا السجود للإكرام، قال تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً} [يوسف: 100] أما في شريعتنا فلا يسجد إلا لله ولا يسجد لعظيم مهما كان، ولا يُنحنى له فإن الانحناء محرم، وقد كان هذا موجوداً في الدولة العباسية، فإن من يقرأ تفسير ابن كثير وابن جرير والكامل لـ ابن الأثير، يجد قال: فدخل الوزير فقبل الأرض بين يدي الخليفة، ودخل الشاعر فقبل الأرض بين يدي الوزير.
وهذا كله أمر محرم, ليس في شرعنا الانحناء ولا الخضوع إلا لله الواحد الأحد.
وهنا قضايا أثارها ابن تيمية وابن القيم، وغيرهما: