وهنا ثلاث مسائل:
الدرس الأول: ليس عجيباً أن يسلم، وليس عجيباً أن يؤمن، فقد قال الله: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:17] وقال تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} [القمر:4] فمالهم لا يؤمنون؟! ويقول تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ} [الطور:35 - 36] فماله لا يسلم؟!
السماء تشهد أن لا إله إلا الله، والأرض تشهد أن لا إله إلا الله، والماء والضياء والمدر والحجر والشجر.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحدُ
فيا عجباً كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحدُ
لماذا لا يؤمن؟
العجيب ألا يؤمن هذا الرجل، أساطين الدنيا، وعلماء الذرة الذين بلغوا سطح القمر، كثير منهم يتوجه اليوم إلى الإسلام والمسجد والمصحف؛ ليقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الدرس الثاني: من هو جاكسون قبل الإسلام؟ ومن هو جاكسون بعد الإسلام؟
أما قبل الإسلام فكان دابة، وقال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان:44] يبلغ الإنسان منهم إلى علم الذرة، وتسليط الضوء، وتسيير ذبذبات الأثير، ولكنه يبقى في مسلاخ حمار، قال الله: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل:66] {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم:7].
كان قبل الإسلام دابة يأكل ويشرب، ويرقد ويغني، ويلهو ويلعب، ويعزف وينام، ويستيقظ ويسعى ولكنه دابة، قال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:179].
وبعد الإسلام أحياه الله، قال الله: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام:122] بعد الإسلام أصبح عبداً وولياً لله، أصبح مسلماً يعرف الدنيا والآخرة، والغيب والشهادة، والحاضر والمستقبل، يعرف من هو الله، ومن هو محمد عليه الصلاة والسلام، وما هو القرآن، وما هي القبلة، ويعرف الهداية قال الله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام:125] أصبح عبداً وأصبح إنساناً، أسلم واعتزل الفن، وترك المسرح وقال للجماهير: معذرة أنا أسلمت ووقف يقول على الشاشات في العالم: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله).
الدرس الثالث: ماذا يقول الفنانون في بلادنا تعليقاً على إسلام جاكسون وما هي ردود الفعل عندهم؟ وما هو تعليقهم على هذا الحدث؟
هل يستمرون في مسيرة الفن والغناء والمجون والعشق والوله، أم سوف يراجعون حسابهم مع الله؟
ماذا يقول الفنانون في بلاد المقدسات ومهبط الوحي وبلاد محمد عليه الصلاة والسلام وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، أو في العالم الإسلامي عموماً، ماذا يقولون عن إسلام هذا الرجل؟
أيقولون: إنه اهتدى، فيوم اهتدى ترك الفن، فلماذا لا تتركون الفن؟
أنتم لا زلتم في الظاهر مسلمين ولا نكفر أحداً بذنب مالم يستحله.
لكن أإسلام ترك الصلاة أو تأخيرها أو الأعراض عن القرآن والذكر وطلب العلم والدعوة والمراقبة والخشية؟
أإسلام العود والكمنجة والخوذة؟
أإسلام تدريب الناس على العشق والتزلف للزنا، وإيجاد الفراغ الذهني في العقول، وغرس الإبر من العشق في قلوب ناشئتنا؟
أإسلام تغزل الفنان بامرأة لا تحل له؟
أإسلام يُوجد في الأمة فراغاً هائلاً يسد بالغناء وبالتراهات وبإحداث العشق؟
يا أيها الفنانون: راجعوا حسابكم مع الله، وتوبوا إلى الله من الفن المغرض المقيت.