ومن هذه القصة أن من عذب عذاباً شديداً ولا يستطيع أن يتحمل، له أن يتفوه بشيء يوافق من عذبه حتى ينجو من العذاب إذا كان قلبه مطمئناً بالإيمان.
الآن انظر إلى الأنظمة الفاسدة التي عذبت البشر، مثل بعض المذكرات: نظام الحكم مثلاً في العراق الذي عذب الدعاة، كانوا يقولون: أنت متواطئ مع الصهيونية، يأخذون العالم من المسجد المفتي عالم المسلمين، ويقولون: أنت متواطئ مع موشي ديان، فيقول: لا.
فيجلسونه على منضدة من كهرباء، ويركبون الفيش حتى يحترق، فيقول: نعم أنا تعاملت مع موشي ديان.
وهذا يفعله الناس كذا، والإنسان له أن يتكلم بكلام حتى يرفع عنه الضيم إذا بلغ به هذه المسألة، فيقول: ربك هذا، قال: نعم ربي، ثم حرج رضي الله عنه وخاف بعدما قال هذا، فقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} [النحل:106].
وصل صلى الله عليه وسلم المدينة، ولما وصل هناك واستقر أتى النبي صلى الله عليه وسلم يبني مسجده، فأخذ اللبنة الأولى، فوضعها في مكانها، من يأخذ اللبنة الثانية؟ أبو بكر الصديق عرف الناس أنه رجل الساعة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم فأخذها ووضعها، ثم قام عمر فأخذ اللبنة الثالثة، فقام عمار كان يأخذ الناس لبنة لبنة، وهو يحمل لبنتين، فأتى إليه صلى الله عليه وسلم، فمسح التراب عن رأس عمار رضي الله عنه وقبله، وقال: {ويحك يا ابن سمية! تقتلك الفئة الباغية} هذه من دلائل النبوة، كل يوم برهان من براهين النبوة، وحجة من حجج الرسالة: {ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار} قال عمار: أعوذ بالله من الفتن، لم يعرف ماذا ينتظره المستقبل وينتظره القدر.