قال: {ومنعاً وهات} ما معنى منعاً؟ وما معنى هات؟ وفيها مسائل، منعاً، قال العلماء: أن تمنع ما عليك من الحقوق، أو أن تمنع حقوق السائل إذا سألك، لا تقل: لا.
نستغفر الله من " لا " ما أصعب " لا "! فـ " لا "، أحسن شيء وأقبح شيء، فـ " لا " أحسن شيء في لا إله إلا الله، وأقبح شيء عند الطلب، يقول الفرزدق وهو يمدح زين العابدين بن الحسين بن علي:
ما قال "لا" قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاؤه نعم
يقول: لا يعرف "لا".
وفي مسند أحمد أن رجلاً جاء إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال: {يا رسول الله! أعطني مما أعطاك الله، قال: لا وأستغفر الله} أستغفر الله من " لا "؛ لأنها صعبة.
وإذا قلت في شيء نعم فأتمه فإن نعم دينٌ على الحر واجب
فأما " لا "؛ فإنها مستقبحة إلا في مواطن فهي من أفضل ما يكون، إذا قلت: لا إله إلا الله.
قال: {ومنعاً وهات} منعاً هنا، أن تمنع ما أوجب عليك من الحقوق أو سألك سائل، ولذلك أمر الإنسان باللطف عند المسألة، إذا سألك سائل أن تقول: إن شاء الله يأتينا خير، أو تعال غداً، أو إذا فتح الله، أو رزقك الله، أما لا فهي صعبة، لقوله تعالى: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً} [الإسراء:29] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً * وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً} [الإسراء:27 - 28].
قال أهل التفسير: هي أن تقول للسائل إذا سألك: يأتي الله بالخير، إن شاء الله، أبشر، أما " لا " فهي صعبة على النفوس.
قال عليه الصلاة والسلام: {ومنعاً وهات} معنى هات هنا: السؤال بلا حاجة، قيل: هو أن يسأل من الزكاة من لا يستحقها فهذا مذموم، وهذا يقع عليه شيء من الإثم والعقاب، وقيل: هو الذي يسأل وعنده ما يغنيه، فالذي سأل وعنده ما يغنيه لا يحق له أن يقول: هات، وقيل: هو الذي يسأل وهو يستطيع العمل، ذو مِرَّةٍ قوي، صحيح البنية، يستطيع أن يكد وأن يعمل، ويقول: هات، فليس له حق.