اللحظة الحاسمة بين موسى وبين فرعون وسحرته

الطغاة يقولون: تلقي أم نلقي؟

قال: ألقوا أنتم، ابدءوا، أنتم أهل الباطل.

قيل: كانوا اثنين وسبعين ساحراً وقيل ثمانين ألفاً، كل ساحر يأتي بالعجائب! {فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى} [طه:60] قالوا: متى الموعد؟ {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً} [طه:59] قيل: إنه يوم عيدهم مثل يوم الجمعة {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً} [طه:59] يقول: موعدنا إذا ارتفعت الشمس، واجتمعت الجماهير، وامتلأت القصور والميادين والمحافل {فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى} [طه:60] فلما أتى صف ثمانون ألف ساحر، وقام هو ووزراؤه وجيشه والناس من الشرفات من كل مكان، وأتى موسى وهارون!!

والمعركة بين اثنين وبين الدنيا كلها! لكن الله معهما {لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:40] {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال:17] {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة:40] تصور: موسى عليه السلام راعي غنم! لكنه يحمل الإيمان والتوحيد، وقف في أطرف الناس، قالوا: تلقي أو نلقي؟ قال: ألقوا؛ فبدءوا فأتت الحبال تصور تصويرات عجيبة من الهول والضنك، تأتي وتطيش على الناس، وتمور على الناس وتدلهم، والجماهير يصعقون في كل مكان!!

موسى عليه السلام ظن أن المسألة سهلة، وليست كذلك: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} [طه:67] الله يعطيه عهوداً يقول: أنا معك، لا تخف، يدخل القصر فيخاف، فيقول الله له: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:46] أتى في الميدان فخاف، قال: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} [طه:67 - 68] أنت المنتصر اليوم، فلما امتلأت الساحة بالحيات والعقارب التي يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى، قال الله: {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ} [طه:69] الآن هذا وقتك، الوقت ضائع معهم وأنت الآن مستلم الساحة.

فقال: بسم الله، فألقى عصاه على الأرض -قيل: إن أصلها من الجنة- فلما وقعت على الأرض صورها فاطر السموات والأرض صوراً عجيبة، انتفخت حتى أصبحت كبعض القصور، ثم امتلأت حتى أصبح رأسها كالجبل، ثم أتت على هذه الحيات والعقارب تأكلها وتأكل ما يأفكون.

ثم أقبلت على الجماهير فانصرعوا في كل مكان، ثم أتت إلى فرعون في المنصة فهرب.

قال الحسن: [[كان طائشاً خسيساً]] وأخذ يرفع يد الاستسلام -كما في بعض التفاسير- وقال: يا موسى، أسألك بالرحم.

الآن تذكر الرحم يا خسيس! فأوقف موسى العصا وأخذها بلسانها {فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} [الأعراف:119] ذليلين حقيرين خاسئين، وأتت الآن المصافاة، والقتال يبدأ الآن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015