علم السلف علم مقاصد وعلم غيرهم علم وسائل

هذا يسر علم السلف وصعوبة علم الخلف.

الآن تعال إذا أردت أن تدرس الحديث، تحتاج إلى أن تعرف الغريب في الحديث، مثلاً في البخاري في باب السترة يقول النبي {كمؤخرة الرحل} فتبحث عن معنى مؤخرة الرحل؟ يوماً ونصف أوثلاثة أيام، ثم تأتي إلى رجل فلا تدري هو ضعيف أم صحيح، فتبحث عنه، ثم تأتي بالحديث ثم طرق الحديث ومن رواه غيره ثم شرح الحديث، ولا بد لشارح الحديث من أصول فقه، ثم الآيات ولا بد للآيات من تفسير وعلم قرآن، وهكذا.

قال ابن القيم في إعلام الموقعين: فنأتي إلى النصوص بأفكار كالة.

ويعجبني الغزالي في بعض نظراته، وأنتم كذلك يعجبكم إحياء علوم الدين، يقول: مثلاً الذي يتكلف الوسائل في العلم، يعيش دائماً مع الوسائل، مصطلح حديث دائماً، ما وصل النص أبداً ولا وصل إلى المتن، يصل إلى أبي هريرة ويرجع، يصل إلى ابن مسعود ويعود، دائماً في المعضل والمنقطع والمعلق حياته هي علم وسائل.

قال الغزالي: مثل الذي يشتغل بالوسائل عن المقاصد كمثل رجلٍ ذهب يحج إلى البيت الحرام؛ فلما أصبح في الطريق لدغته عقرب، فأخذ العقرب فقتلها قال: ليته ذهب إلى الحج وانتهى، لكن أتى إلى الصخرة فقلع كل صخرة وأخذ يقتل الحيات والعقارب، فحج الناس وعادوا فقيل مالك؟! قال: لدغتني عقرب فأنا أقتل هذه العقارب والحيات.

قال: فهذا مثل إنسان اشتغل في الوسائل، مطلوب من الوسائل إصلاح اللفظ في اللغة من النحو، ومعرفة علوم الحديث، لتصل إلى قال الله وقال الرسول صلى الله عليه وسلم، البعض يبقى عشرين سنة يدرس أصول الفقه، ويشغل كل حياته ووقته فيه، ولا يصل إلى القرآن والحديث، وهذا عيب فأصول الفقه وسيلة يفهم بها الكتاب والسنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015