يقول ابن عمر في صحيح البخاري: {أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي هذا وقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل} وكان ابن عمر يقول: [[إذا أصبحت فلا تنتظر المساء, وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح, وخذ من صحتك لسقمك، ومن حياتك لموتك]]
ووجد -على سبيل المثال- أن الحاكم بأمر الله الفاطمي عليه لعنة الله، وهو ملحد زنديق عدو للإسلام والمسلمين, فعل هذا الفاجر من الأفعال ما أظن أن فرعون لم يفعلها , من يقرأ سيرته وترجمته يجد فيها عبرة، قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [آل عمران:13].
هذا المجرم السفاك الزنديق الملحد عليه لعنة الله الذي فعل الفعائل في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان ينزل إلى السوق فيسجد له الناس, والذي لا يسجد له قطع رأسه, أخذ القرآن ومزقه وداسه بأقدامه, ونجس محراب المسجد, فعل أفعالاً لا يفعلها إلا من بلغ درجته, فأتى عالم من علماء أهل الحديث والسنة, فأفتى فتيا.
يقول هذا العالم: من كانت عنده عشرة أسهم فليطلق واحداً من سهامه يرمي الروم أو الصليبين والنصارى ويرمي الفاطميين بتسعة أسهم -أي: يذم الحكام العبيديين الفاطميين الملاعين إلا من رحم ربك- فسمع هذا الحاكم فاستدعى العالم, قال: سمعت أنك تقول: أن من عنده عشرة أسهم فليرم النصارى بتسعة ويرمينا بسهم؟
قال: لا.
الفتيا ليست هكذا, قال: ما هي؟ قال: قلت: يرميكم بتسعة ويرمي النصارى بسهم واحد, فاستدعى يهودياً من اليهود معه سكين وقال: اسلخ جلده عن لحمه وعظمه ولا تقتله, فقال العالم: حسبنا الله ونعم الوكيل, فرفع ودحرج على وجهه, وأخذ اليهودي يسلخ جلده عن لحمه وعظمه, حتى سالت قطرات الدم.
وبعضهم قال: رؤي عليه كالظلة من السحاب أو الملائكة والله أعلم, وقد كان من الصالحين الكبار, كان مدلّى والدم يقطر من أنفه وفمه، وهو يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر, حتى وصل اليهودي وهو يسلخه إلى قلبه, فرحمه اليهودي.
كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً وحسب المنايا أن يكن أمانيا
فرحمه اليهودي؛ فأخذ السكين وضربه في قلبه ليموت, فلما وصلت السكين قلبه، قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله! وكانت عقوبة هذا المجرم أن أخذه الله في ذلة, فسلط عليه أعداءه، فأخذوه في مكان بـ المقطم في مصر وأحاطوا به، فقطعوا يده اليمنى أولاً, ثم يده اليسرى, ثم رجله اليمنى, ثم رجله اليسرى وهو حي, ثم قطعوا لسانه وهو حي, ثم قطعوا أنفه, ثم فقئوا عينه اليمني, ثم عينه اليسرى, ثم قطعوا أذنيه حتى مات كمداً وغيظاً: {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ} [فصلت:16] ذاك عرف ساعة الاحتضار، فكان يسبح ويهلل ويكبر ويحمد الله, وهذا نسي القدوم على الله فذهب إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم!!