وأما أهل الغفلة؛ فقد ذكروا عنهم الكثير مما تعرضوا له في سكرات الموت, فهذا عبد الملك بن مروان -الملك الخليفة الأموي- ذكر الذهبي عنه: أنه لما حضرته الوفاة سمع غسالاً وراء القصر، قال: يا ليتني كنت غسالاً!
يا ليت أمي لم تدلني!
يا ليتني ما توليت الخلافة!
يقول سعيد بن المسيب سيد التابعين لما سمع هذا الكلام: [[الحمد لله الذي جعلهم يفرون إلينا وقت الموت ولا نفر إليهم]].
وقد كانت حياته حياة توصل صاحبها إلى الغرور، لما توّلى عبد الملك الخلافة وانتصر جيشه على مصعب بن الزبير في العراق.
يا متعب الجسم كم تسعى لراحته أتعبت جسمك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
يا عامراً لخراب الدار مجتهداً بالله هل لخراب الدار عمران
دار أراد الله خرابها كيف تعمرها؟
منصب لا يوصلك إلى النجاة، كيف تريده؟
مال لا ينقذك من غضب الله ولعنته وبطشه كيف تجمعه؟
جاه لا يوصلك إلى رضوان الله ورحمته وجنته كيف ترغب فيه؟
أين هذا من حياة سعد بن أبي وقاص؟ فقد مات في البادية وهو أحد المبشرين بالجنة, أتت ابنته تبكي عند رأسه وهو في سكرات الموت, قال: [[يا بنية! لا تبكي, والله إني من أهل الجنة]] قال المعلق: صدق وهنيئاً له، فقد شهد له صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة, فانظر كم بين الرجلين؟ وكم بين المصرعين؟ وكم بين الواديين؟ ولا نشهد لأحد من المسلمين بجنة أو نار إلا من شهد له صلى الله عليه وسلم, لكنا نرجو للمحسن الثواب ونخاف على المسيء العقاب.