وهذا مصرعٌ ذاقه كل رجل مرّ، صالح وطالح، وسوف نسمع إلى بعض الغافلين وهم في سكرات الموت.
من الصالحين الكبار معاذ بن جبل وقد أشار صاحب الإحياء إلى هذه القصة، وصاحب كتاب وصايا العلماء، والقرطبي في التذكرة، وغيرهم من أهل العلم، أنه لما حضرته الوفاة كان في السحر، فقال لابنه: اخرج با بني انظر هل طلع الفجر؟! قال: لا! فسكت قليلاً، ثم قال: اخرج فانظر هل طلع الفجر؟ قال: نعم، قال: [[اللهم إني أعوذ بك من صباح إلى النار، اللهم إنك كنت تعلم أني ما أحببت الحياة لغرس الأشجار، ولا لجري الأنهار، ولا لعمارة الدور، ولا لرفع القصور -لكن لماذا تحب الحياة يا معاذ بن جبل؟ قال: كنت أحب الحياة لثلاث: لصيام الهواجر، ولقيام الليل، ولمزاحمة العلماء بالركب في حلق الذكر]] انظر إلى الحياة الخالدة! وحياة ليست كهذه الحياة ليست بحياة، فهذه الحياة ليست كحياة الأكل واللهوات والشهوات والمغريات والسيئات، وحياة الأغاني الماجنة، والمجلات الخليعة، والجلسات الآثمة، وحياة الفراغ القاتل، وحياة الأمنيات التي لا تنفع صاحبها، بل تكون عليه حسرة، فهذا جانب مما شهده الصالحون في سكرات الموت.