Q إني قد أذنبت ذنوباً وجرائم كثيرة، وأنا لا أعلم ذلك، فهل لي كفارة، أفيدوني جزاكم الله خيراً؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: أحبك الله الذي أحببتني فيه، وأشهد الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في هذا المجلس أني أحبكم جميعاً في الله، وأعلم أنه ما حضر في هذا المجلس إلا رجل -إن شاء الله- يريد الله والدار الآخرة، وأسأل الله أن يجعلها كفارة له مما سلف من ذنوبه، وواجبنا وضيافتنا عليكم وضيافتكم علينا: الدعاء، أن تدعوا لنا وندعو لكم، فإنا إذا تعاونا على البر والتقوى -ومنها الدعاء- غفر الله لنا ذنوبنا.
وأما ما ذكره الأخ السائل أنه أجرم وأذنب، فمهما أذنب ولو أتى بمثل الجبال، وتاب تاب الله عليه، لو كان مثل جبل كهلان وأحد وجبال السروات وكله جبال من الخطايا والذنوب والمعاصي ثم تاب؛ تاب الله عليه، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {يقول الله تبارك وتعالى: يا بن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم جئتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة} وهذا الحديث في سنن الترمذي: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر:53] {يا عبادي! إنكم تذنبون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم} وعند مسلم {إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها} وفي الصحيحين: {أن رجلاً قتل تسعة وتسعين رجلاً، فقال: دلوني على عالم، فدلوه على عابد -خرافي صوفي متخلف في غار- قال: هل لي من توبة؟ قال: ما لك توبة، -تقتل تسعة وتسعين وتتوب من أين تتوب؟ قال: نبدأ بك، نتغدى بك قبل ما تتعشى بنا، وهذه فتوى لا تصلح- فذبحه ذبح الشاة فوفى به الرقم مائة، قال: دلوني على عالم آخر، فقالوا: العالم الفلاني، فذهب اليه وقال: هل لي من توبة؟ قال: ماذا فعلت؟ -ظن الرجل أنه تخلف عن صلاة ثم صلاها في الوقت، أو ثوبه تحت الكعب، أو أتاه الشيطان فأخذ سجارة مرة من المرات، أو استمع أغنية- قال: قتلت مائة نفس فهل لي من توبة؟ قال: ومن يغلق عليك باب التوبة، باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها، قال: أتوب إلى الله وأستغفر الله، قال: اذهب إلى تلك القرية فإن فيها قوماً صالحين -بعض القرى تعينك على طاعة الله، صيام وصلاة ودعوة وبعض القرى شقية والعياذ بالله؛ عندهم الفئوس هذه معلقة للذبح على الطريقة الإسلامية، في الجمعة يتضاربون والعيد والاستسقاء، وغيبة ونميمة، وحسد وفحش، وبغضاء، وإذا رأوا إنساناً صالحاً بقوا في وجهه حتى يترك الصلاح- فقال: اذهب إلى تلك القرية فإن فيها قوماً صالحين، فذهب وفي الطريق أدركه الموت فمات، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ملائكة الرحمة يقولون: تاب وأناب وأقبل إلى الواحد الوهاب، فيدخل الجنة، وملائكة العذاب قالوا: لا ما سجد لله سجدة وما فعل شيئاً، وهو تاب الآن فقط، فقال الله عز وجل: قيسوا ما بين القريتين، ثم أوحى الله إلى تلك القرية الصالحة أن اقربي ولتلك أن تباعدي -رحمة الله- فكان أقرب إلى تلك فدخل الجنة}.
وفي الصحيحين: {أن رجلاً قال لأبنائه: إذا حضرتني الوفاة فأحرقوني فإني قد فعلت فعائل مع الله، أحرقوني بالنار ثم اسحقوني ففعلوا، فأخذته الريح في كل مكان، فجمعه الذي بدأه أول مرة، قال: ما حملك على ما فعلت؟ قال: خشيتك وخفت ذنوبي، قال: يا ملائكتي! أشهدكم أني غفرت له وأدخلته الجنة}.
فيا أخي! لا تتعاظم زنيت قتلت شربت الخمر تب من الآن في هذا المجلس، وأقبل إلى الله وأبشر، يبدِّل الله سيئاتك حسنات، لا يتوب عليك فقط، بل السجلات السود تقلب لك حسنات عند الله.