قال: {وإضاعة المال}: والإضاعة على أنواع:
إضاعة معصية، كما يفعل بعض التجار اليوم حينما يضيعون أموالهم، قال الله: {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفال:36] كالسفر للفاحشة إلى الخارج، وشرب الخمر، ودور الدعارة، والربا، ومحاربة الدين، والعهر، والخمارات، والبارات، والغناء الماجن، والمجلات الخليعة، ودعم المؤسسات الشريرة المحاربة للدين، ودعم العلمنة في الساحة، ومحاربة الإسلام بهذا المال الذي سيكون عليهم حسرة ثم يغلبون.
ومن إضاعته أيضاً: الإسراف فيه، وهذا يوجد حتى عند كثير من الملتزمين، فإن بعضهم عنده ثلاثون ثوباً، وفي كل صلاة يلبس ثوباً، وهذا من إضاعة المال، وعليه أن يقتصد، فإن الدين وسط، والإسلام لا يعرف الدروشة، فإن بعضهم يجعل الزهد في الثوب، وعنده عمارات وقصور، لكن ثوبه بخمسة وثلاثين ريالاً حتى يظهر أنه زاهد، أتزهد في الثوب ولا تزهد في الأراضي والعقارات والبنايات والمعاقل؟ هذا ليس بصحيح.
وكذلك الإسلام لا يؤيد الترفه كثيراً؛ فقد جاء في الحديث الحسن: {البذاذة من الإيمان} فالترفه منتشر، حتى أن بعض الشباب المعرض يشتري كبك -نوع من أزرار الملابس- بخمسمائة ريال، وحذاء بستمائة ريال، وعليه من الملابس ما يعادل أربعة أو خمسة آلاف وهو لا يساوي اثنا عشر ريالاً، وملابسه بستة آلاف، يقول أبو الفتح:
يا متعب الجسم كَمْ تسعى لراحته أتعبت جسمك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
استكمال الفضائل بالقرآن، والاستقامة، والتوبة النصوح، والصدق مع الله، ومجالسة الصالحين، وحمل رسالة لا إله إلا الله محمد رسول الله، والصدق مع النفس ومع الله عز وجل وأن تكون عبداً لله تبيع نفسك من الله ثم لا ترجع في البيع أبداً: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:111].
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.