وقد انتهى وأد البنات -والحمد لله- في الإسلام، لكن وأد المرأة اليوم غير وأد الجاهلية، ففي الجاهلية كانوا يذبحونها بالسكين، لكن وأد الجاهلية العصرية هو قتل لإرادة المرأة وحريتها وكرامتها وحقها، وهم يزعمون أنهم ينادون بحرية المرأة، وأنهم يحافظون على حقوق الإنسان.
الحاكمون وواشنطن حكومتهم اللامعون وما شعوا وما غربوا
فهم الذين أكلوا المرأة وشربوها في كرامتها ومروءتها، فوأد المرأة في هذا العصر أن يقطع حجابها، وأن يهاجم الحجاب، ويدعى أنه رجعية وتخلف، وما هو إلا العظمة والروعة والجمال للمرأة، وما هو إلا الستر والصون والكرامة.
ووالله! يوم كانت المرأة متحجبة كانت لها قيمة، وكانت النفوس تحبها وتقدرها، فلما تبذلت المرأة، وأدخلت بعد الحرب العالمية الثانية في أتون المصانع، وأصبحت عاملة، وأصبحت موظفة وسكرتيرة وتشارك في البرلمان، أصبحت ممجوجة، ومملولة، ومتبذلة يقول الشاعر العربي:
إذا سقط الذباب على طعام رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء إذا كُنَّ الكلاب ولغن فيه
ومن وأد المرأة: أن تمنع من إنشاء بيت إسلامي، بحجة الفاحشة الكبرى: فتح الروتاري وغيرها، وإدخال النساء تحت مظلة الإنسانية والحب الإنساني الذي ما أنزل الله به من سلطان، لتربي غير أبنائها من زوجها، وتورث الفاحشة الكبرى التي أظلمت بها الدنيا.
ومن وأد المرأة: أن تجعل المرأة في غير المكان المناسب الذي خلقت له، فقد خلقها الله أمينة على الجيل ومربية له
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق
الأم نبت إن تعاهده الحيا بالري أورق أيما إيراق
فالأم رسالة، فقد أخرجت العظماء، فهذا خالد أُمه امرأة، وسعد وطارق وحسان وابن تيمية وصلاح الدين والعظماء على مر التاريخ، فالمرأة أرادها صلى الله عليه وسلم والإسلام أن تكون جوهرة في صدر، أما أن تكون متبذلة فلا.
ومن وأد المرأة: أن هاجموها وسحقوا كرامتها أمام العالمين، مرة بمقالةٍ يستهزئون بالنقاب والحجاب ويسمونه خيمة، ومرة يقولون: تأخر المرأة وتخلف عقل المرأة، ومرة يقولون: متى يسمع صوت المرأة؟! ومرة يكتب كاتب في بعض البلاد، ويقول: المرأة إلى أين؟
نقول: المرأة إن صلحت إلى جنة النعيم، وإن فسدت فإلى نار تلظى، لكن أنت يا مغفل يا مغرور! أنت يا عميل،! أنت يا مخزي الرسالة! أنت يا ممحوق البركة إلى أين؟! وأنت تحت أي لافتة تتكلم؟ فنحن تحت قضية كبرى قضية لا إله إلا الله محمد رسول الله، لكن أنت تنادي أختك، وتنادي أمك وزوجتك أن تخرج إلى الشارع!
ومن وأد المرأة: أن تحرم العلم الشرعي، فتربى على الجهل؛ لأن بعض الناس الآن يقولون: المرأة إذا أصبحت جاهلة فإنها تصبح جيدة وعاقلة، ولا تعرف السوء، وتصبح خاماً قابلاً للتوجيه، وهذا خطأ، لأن المرأة الجاهلة جاهلة، فلابد أن تعلم المرأة، ولكن أي علم؟ إنه العلم الشرعي، وبعض الناس أرسل ابنته إلى بروكسل لتطلب العلم! انظر إلى هذا العلم التي تأتي به هذه البنت في السادسة عشرة! ذهبت إلى بروكسل ومكثت أربع سنوات هناك بلا محرم، تسكن في كل فندق وبارة، وتأتي بعلم، فلا بارك الله فيها ولا في علمها إن لم تتب!
لقد ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار
نحن لا نفتقر إلى تدريس المرأة هندسة التربة في دول أوروبا أو أمريكا أو الصين، وتأتينا وقد مسخت من لا إله إلا الله، وتحاربنا في عقر دارنا، لا نريدها ولا نريد علمها ولا شهادتها، نريد العلم النافع، الذي يربي امرأة تأتي بالأجيال وتوجه الجيل.
فهذا من وأد البنات، وهو وأد آخر يكتشف في هذا العصر، اكتشفه علماء الجيولوجيا من أهل الفقه الإسلامي، اكتشفوا أن هناك وأداً وحرباً، وقد يكون هناك -إن شاء الله- محاضرة اسمها: حرب على المرأة، ينقل عن كتبة العلمانية، وعن فروخهم وأذنابهم، وعن الشعراء ما قالوه في البنت المسلمة بحجابها وسترها، ويرد عليها -إن شاء الله- من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم.