يموت أبناؤه صلى الله عليه وسلم، يولد له أبناء كثير، لكن لا يبلغ أحدهم أبداً، أربعة من الأبناء يموتون في الصغر، وتعلق بـ إبراهيم، وأصبح إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنتين أحب ما يكون، يدغدغه، ويشمه، ويمازحه، ويرفعه بيديه، ويأتي إليه بعد هموم الدعوة، فيحتضن هذا الطفل، فلما كاد قلبه أن يميل لطفله قبض الله طفله، فيموت بين يديه، وتقعقع روحه كأنها في شن بين يديه صلى الله عليه وسلم، فيحتضنه ويبكي، وتسيل دموعه، وهو يعيش اللوعة، ويتجلد ويصبر، ويقول: {يحزن القلب، وتدمع العين، وما نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون}.
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقاً إليكم ولا جفت مآقينا
نكاد حين تناجيكم ضمائرنا يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
إن كان قد عز في الدنيا اللقاء ففي مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا
ويدفن ابنه في التراب، ويعود بلا طفل، ويستمر صلى الله عليه وسلم معه أربع بنات، وبعد أيام تموت الأولى فيدفنها صلى الله عليه وسلم وهو يبكي، وتموت الثانية، ثم تموت الثالثة، وتبقى الرابعة ويخبرها أنها سوف تلحقه قريباً، فتلحقه بعد ستة أشهر؛ هذا من حيث الأسرة التي عاشها صلى الله عليه وسلم، أي أن وضعه الأسري يبعث على الأسى والبكاء.
ووضعه الاجتماعي والاقتصادي يبعث على الأسى والبكاء، ووضعه كذلك في مسار الاتهامات الجارحة يبعث على الأسى والبكاء.