إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته.
السلام عليكم يا أتباع من جلسنا لنستمع أخباره! ولنعرف أسراره، ولنعيش حياته عليه الصلاة والسلام في محاضرة بعنوان: (الرسول صلى الله عليه وسلم بين المعاناة والانتصار).
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} [يوسف:110] وهذا أمرٌ مطرد في الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
فإن لأهل التفسير في قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف:110] معنيين اثنين:
الأول: (كذبوا) أي: أنهم خلفوا ما وعدوا من الله عز وجل، فكأنه ما تحقق لهم النصر الذي سألوه الله ووعدهم به من كثرة ما وجدوا من المصائب والشدائد.
وقال بعض أهل العلم: بل قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف:110] أي: كذبوا من أقوامهم تكذيباً بيناً ليس فيه استجابة ولا عودة إلى الحق، والقول الأول أولى.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم تمر به المعاناة تلو المعاناة إلى درجة أن يسأل الله نصره الذي وعده، فيقول في ليلة بدر: {اللهم نصرك الذي وعدتني، اللهم نصرك الذي وعدتني، اللهم نصرك الذي وعدتني}.
والقضية التي وعدت البارحة أن أبسط فيها الكلام هي: مقولة لبعض العلماء، يقول: لا يبعث الله نبياً ولا رسولاً حتى يبتليه بالمصائب والفتن والمحن، إلى درجة أن يعلم هذا الرسول أن لا إله إلا الله.
ولذلك كان من أول ما نزل على الرسول عليه الصلاة والسلام: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:19].
وهذه الليلة أستميحكم عذراً أن نعيش نصف المحاضرة مع معاناته عليه الصلاة والسلام، مع الأسى والفقر واليتم، مع دولة بالباطل تجابه الحق، مع القرابة وهم يقطعون الرحم، مع التهديدات، وتشويه السمعة له عليه الصلاة والسلام، مع الاتهامات والنكبات، والأعداء الكثر.