الأولياء عند الجمهور قسمان: مقتصدون، وسابقون, وشيخ الإسلام ابن تيمية ذهب إلى أنهم ثلاثة أقسام فيقول: الأولياء تشملهم هذه الآية، قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} [فاطر:32].
الظالم لنفسه: هو الذي يترك بعض الواجبات ويأتي بعض الكبائر, وهو عند الخوارج كافر, وعندنا مسلم لا يخرج من الإسلام.
والمقتصد: هو الذي يفعل الفرائض بواجباتها ويترك الكبائر، ولكنه قد يترك المستحبات وقد يفعل بعض المكروهات.
والسابق بالخيرات: هو الذي لا خوف عليه ولا حزن، وهو الذي يفعل الفرائض والواجبات والمستحبات، ويترك الكبائر والمحرمات والمكروهات, ووصفه ابن القيم في طريق الهجرتين فقال: هو الذي ينام وقلبه معلق يطوف حول العرش.
فهو معلق بربه سُبحَانَهُ وَتَعَالى، فإذا نام وانتصف الليل قام فتوضأ وهو خائف منكسر القلب، خجول من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، فيصلي ويناجي ربه وقد أسلم أعضاءه وروحه وإرادته وعزيمته ومحبته، فليس له من نفسه شيء، وليس لنفسه منه شيء وسوف يأتي معنا في الحديث كلامه أن الله يكون سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به- فهذا السابق بالخيرات.
فهم أقسام ثلاثة، وعند الجمهور قسمان: مقتصدون وسابقون, قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ * خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ * إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجّاً * وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسّاً * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثّاً * وَكُنْتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقعة:1 - 10].
فأصحاب الميمنة هم المقتصدون, وأصحاب المشأمة على رأي ابن تيمية ليسوا من الظالمين، بل هم كفرة, والسابقون هؤلاء هم الصنف الثاني, فالمقتصدون هم أصحاب يمين, والسابقون بررة, قال سبحانه في آخر السورة بعد أن قسم في أولها: {فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ} [الواقعة:83 - 88].
فهؤلاء المقربون هم السابقون: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} [الواقعة:89 - 90] المقتصدون {فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ} [الواقعة:91 - 92] وهؤلاء الكفرة وهم أصحاب المشأمة, نسأل الله أن يجيرنا من مصيرهم.