أرسله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، وكانت هذه الرسالة إلى اليمن رسالة تشريفية تكليفية من رسول الله إلى معاذ، وقال أهل العلم: إنما أرسله بأمر الله عز وجل، وفي بعض الآثار: أنه صلى الله عليه وسلم لما أوحى الله إليه أن أرسل أحد أصحابك، تحير صلى الله عليه وسلم فيمن يرسل ونزل عليه جبريل، وقال: إن الله يقرئك السلام ويقول: أرسل معاذ بن جبل فاستدعاه عليه الصلاة والسلام -ونحن نتوخى الأحاديث الصحيحة؛ لأنه قد زيد في قصة معاذ بعض الأحاديث الباطلة الموضوعة- وأرسله إلى اليمن.
فاشتد عليه ذلك أيما شدة؛ لأنه سوف يفقد حبيبه عليه الصلاة والسلام، وسوف يفقد صاحبه الذي يقول له كما في سنن أبي داود وغيره قال: {صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، فشبك أصابعه مع أصابعي، وقال: يا معاذ والله إني لأحبك، فقال معاذ: والله إني لأحبك يا رسول الله! ثم قال له: لا تدع في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك}.