هو يحب العرب ويعتذر ويقول: يا ليتني أجيد اللغة العربية (100%) ولو أجادها (100%) لأبكانا كما أبكى الهنود، ولأبدع لنا في أدبنا وفي ثرواتنا، وجعلنا في أدب رائد جميل نعيشه من محمد إقبال، ولكن لا زلنا -والحمد لله- نتمتع بمقطوعاته الجميلة الإيمانية، نسأل الله أن يغفر له زلَلَه، يقول في قصيدته وهو ينادي الرسول عليه الصلاة والسلام:
إن كان لي نغم الهنود ودلهم لكن ذاك الصوت من عدنان
يقول: أنا أتكلم بالهندي ولا أعرف اللغة العربية, لكني يا رسول الله! أحبك وأموت في حبك وقلبي عربي.
ويقول في مقطوعته:
هضبات نجد في مغانيها المها ومحاور الغزلان ملء تلالها
والمجد مشتاق وأمة أحمد يتهيأ التاريخ لاستقبالها
هكذا انبعاث الأرواح والإيمان والعقائد في أبيات الشعر:
والمجد مشتاق -يشتاق إلى أمة الرسول عليه الصلاة والسلام.
والمجد مشتاق وأمة أحمد يتهيأ التاريخ لاستقبالها
كأن التاريخ نائم، ثم أفاق وما رأى أمة جديرة بأن تقود التاريخ والدهر والزمن إلا أمة الرسول صلى الله عليه وسلم، فوقف يستقبل هذه الأمة.
ثم يقول:
سبحانك يا رب! خرج من الصحراء أناس كانوا يعبدون اللات ومناة والعزى، ثم أصبحوا يطوفون بالبيت لله، يقول:
وأصبح عابدو الأصنام قدماً حماة البيت والركن اليماني
من هم؟ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.
أصبح عكرمة وخالد اللذان كانا يطوفان بمناة واللات يحملان لا إله إلا الله والرسالة الخالدة, ويطوفان بالبيت لله رب العالمين.
ويقول في قصيدة له اسمها: (تاجك مكة):
من ذا الذي رفع السيوف ليرفع اسـ ـمك فوق هامات النجوم منارا
كنا جبالاً في الجبال وربما صرنا على موج البحار بحارا
من هم؟ العرب، العرب المسلمون، لا عروبة القومية ولا البعثية ولا العلمانية، لكنها عروبة لا إله إلا الله، عروبة تجري في دمك بإياك نعبد وإياك نستعين، عروبة أن تتوضأ وتسجد لله خمس مرات في خمس صلوات، عروبة أن تقول: لا إله إلا الله، فتهتز لها وتقدم دمك من أجلها.
يقول:
لم تنس أفريقيا ولا صحراؤها سجداتنا والأرض تقذف نارا
وكأن ظل السيف ظل حديقة خضراء تنبت حولنا الأزهارا
يقول: وكأن السيوف في المعارك تقدم لنا باقات من الزهر عند خالد وسعد وطارق وصلاح الدين، يقول:
أرواحنا يا رب فوق أكفنا نرجو ثوابك مغنماً وجوارا
يقول: ما كنا نأتي بأرواحنا في أجسامنا، كنا نبيعها لله قبل المعركة، والثمن الجنة, إن الله اشترى، وسوف يأتي بها في قصيدة (إن الله اشترى) قال: فكنا نأتي بأرواحنا في أكفنا إليك يا ربنا فنبيعها منك.
لم نخش طاغوتاً يحاربنا ولو نصب المنايا حولنا أسوارا
ندعو جهاراً لا إله سوى الذي خلق الوجود وقدر الأقدارا
كنا نرى الأصنام من ذهب فنهـ ـدمها ونهدم فوقها الكفارا
لو كان غير المسلمين لحازها كنزاً وصاغ الحلي والدينارا
يقول: يا رب! أما فتحنا الهند -يعني: أجدادنا فتحوا الهند - أما فتحناها فقدموا لنا الأصنام وقلنا: لا لا نريد الأصنام؟ قالوا: من ذهب اشتروها؟ قلنا: لا فحرقناها وحرقنا الكفار معها، وهدمناها وهدمنا الكفار عليها، أليس نحن المسلمين؟ يقول:
محمود مثل إياز قام كلاهما نكبا العبادة تائباً مستغفراً
العبد والمولى على قدم التقى فارحم بوجهك عبد سوء في الثرى
والمقصود من هذين البيتين محمود بن سبكتكين المسلم، كان عنده ألف ألف من الأبطال فتح بهم ما وراء نهر سيحون وجيحون، ثم قدموا له الأصنام فرفض كما فعل قتيبة بن مسلم وقال: لا والله لا يدعوني الله يوم القيامة ويقول لي: يا مشتري الأصنام، ولكن يدعوني: يا مهدم الأصنام، فكسرها بفأسه، وأحرقها وأتى بالملك فذبحه ثم نكسه على الصنم.
فيقول: محمود مثل إياز، وهو خادم محمود بن سبكتكين , وهو قائد الراية بعده رحم الله الجميع.
محمد إقبال في قصيدة له بعنوان " آه من لهفات إلى الحجاز ":
نغمات مضين لي هل تعودوا أنسيم من الحجاز يعود
آذنت عيشتي بوشك رحيل هل لعلم الأسرار قلب جديد
لماذا يحب الحجاز؟! ألغبار الحجاز؟! ألجبال الحجاز السوداء؟! ألفقر الحجاز؟! لا لأن في الحجاز رجلاً مدفوناً هناك.
لأن في الحجاز نوراً انبعث لأن في الحجاز رسالة خالدة لأن في الحجاز جماجم الأبطال لأن في الحجاز مخرجاً من مخارج التوحيد والتاريخ.
في الحجاز محمد عليه الصلاة والسلام في الحجاز والكعبة والحجر الأسود وزمزم وطيبة في الحجاز آمال المسلمين وطموحهم، فهو يحب الحجاز.
وله قصيدة اسمها " ناقتي في الحجاز " وصف نفسه وهو يبكي ويقول: يا ليتني أعتمر مرة ثانية, ولم تكن متسهلة له, كان يدرس في الجامعة الفلسفة، وشرح ديوان المتنبي , وكان يدور في الليل والنهار ويلقي محاضرات، وفي آخر عمره كان يلقي في اليوم الواحد عشر محاضرات, يريد أن يعيد الأمة إلى الله تعالى بشعره يقول:
يا ناقتي الخطارة وظبيتي المعطارة
حثي الخطا قليلاً منزلنا قريب
هذا من نظم الدكتور/ عبد الوهاب عزام، ولكن ذاك أفضع وأفضع، وذاك أقوى وأقوى, يقول:
يا قلب حسبك لا تفيق صراحة إلا على مصباح نور محمد
يقول: لا يفيق قلبي إلا على مصباح نور الرسول عليه الصلاة والسلام، ويقول في عالم الإيمان قبل هذا:
بحثت عنك يا رسول الله! في ألمانيا فما وجدتك
هل سافر رسول الله إلى ألمانيا؟ لا إقبال درس في ألمانيا الفلسفة.
قال: وجدت القاطرات والسيارات، والشاحنات والطائرات، والثلاجات والبرادات والبنات وما وجدت من أنزلت عليه الآيات البينات عليه الصلاة والسلام.