لماذا قدم الضمير فقال: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) ولم يقل: نعبد إيّاك؟

أما لماذا قدم الضمير فقال: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) ولم يقل: نعبد إيّاك؟ فللحصر والاهتمام, تقول: إيّاك أريد, ولا تقول: أريد إيّاك, فإذا قلت: إيّاك أريد فكأنك تنبهه أي: انتبه فإني أريدك أنت لا أريد غيرك, و (إيّاك أريد) وهي أبلغ عند أهل اللغة من: أريد إيّاك, وأقصر كتاب في التاريخ, كتبه خالد بن الوليد سيف الله المسلول, لـ عياض بن غنم وهو قائد آخر, يوم اجتمع على خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه أهل الباطل بالجيوش فضاقت على خالد بن الوليد بما رحبت, لكنه لجأ واستعان بالواحد الأحد.

فالزم يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان

فلما طوقته الجيوش أرسل لـ عياض بن غنم رسالة هي أقصر رسالة في التاريخ قال: (بسم الله الرحمن الرحيم, من خالد إلى عياض إيّاك أريد والسلام) يقول: أدرك الموقف, فهو موقف خطير, من خالد إلى عياض إيّاك أريد والسلام, وهو يوم قصّر الخطاب, معناه انتبه وأدرك وإلا لن تدرك, فنحن في مأزق, فهذا أقصر خطاب.

وتقديم قدم (إيّاك) في الآية يقيد الاختصاص, أي: إيّاك نعبد وحدك, وإن قلت: نعبد إيّاك فربما يحتمل أن يكون مع الله معبود غيره, سبحان الله عما يشركون, لكنك إن قلت: إيّاك وحدك نعبد, إيّاك وحدك نستعين, وإيّاك وحدك ندعو, فهو للحصر والاهتمام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015