المسألة العاشرة: ردت القدرية الحديث بأمرين:
أولهما: قال القدرية المعتزلة: إن هذا الحديث لا يصح، ولذلك يأتي أحدهم، أظنه العلاف أو الجبائي، ويمسح الحديث من كتب الحديث بيده، نعوذ بالله.
ولذلك رئي أحدهم في المنام -كما ذكر الذهبي - كأن الله حول صورته صورة كلب وهو يمسح هذا الحديث، كيف يمسح هذا الوحي! {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم:4 - 5].
ولذلك يقول الجهم بن صفوان: لو كان لي من الأمر شيء لمحوت آية في القرآن، قالوا: وما هي؟ قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]
وذكر ابن تيمية: أن الجهمية في عهد المأمون كتبوا على الكعبة (ليس كمثله شيء وهو العزيز الحكيم والآية هي: (وهو السميع البصير) انظر إلى الهوى، فيأتي هذا الخبيث الفاجر ويمسح الحديث؛ لأنه يعارض مبدأه، سبحان الله! لا يؤمن بالحديث؛ لأنه صاحب هوى ومبتدع ضال، فاعتقدوا أنه يهدم مبدأهم ومنهجهم الفكري الضال هدماً، وقالوا: سبب رد الحديث أمور:
أولاً: هذا الحديث ليس بصحيح، قلنا لهم: لماذا؟ قالوا: موسى أعقل وأفضل وأعلم بالله عز وجل من أن يلوم آدم على أمر قد تاب منه، ثم يقولون: وموسى عليه السلام قتل نفساً فتاب منها فقبل الله توبته، فكيف يلوم ذاك على أكل الشجرة وهو قد قتل نفساً، فهو لا يلوم أبداً، وهذا هو الفقه الأعوج فهم يردون الحديث بالهوى.
ويقولون: ثانياً: لأن أهل الجرائم والمخالفات يستدلون بالحديث، يقول هؤلاء القدرية: لو وافقنا على قبول الحديث، كان كل واحد أردنا أن نقيم الحد عليه، يقول: لا، هذا بقضاء وقدر، نأتي بالسارق نقطع يده، فيقول: لا تقطعوا يدي، هذا قضاء وقدر، نأتي بالزاني الثيب نرجمه فيقول: قضاء وقدر، ولذلك قالوا: الحديث مردود -رد الله وجوههم في النار- نعوذ بالله من الهوى، ونسأل الله أن يتوب على من تاب منهم وعلى كل المسلمين.