لم يكن من هديه عليه الصلاة والسلام إذا سلم أن يقول بعد السلام مباشرة: الله أكبر، مع أنه قد قال بهذا بعض المشايخ، وكتب لي بعضهم رسالة يعنفني، وهو أجل وأعلم مني وأفضل، لكن كلٌ يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب ذاك القبر عليه الصلاة والسلام، فإنه المعصوم، ولا يمكن أن نسمع لقول أحد إلا من يأتينا بآية أو حديث.
يقول هذا الشيخ الفاضل العلامة: يقال بعد السلام: الله أكبر.
والصحيح -إن شاء الله- أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم قال: أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله وهو مستقبل القبلة، ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
ثم يلتفت إلى الناس عن يمينه وربما يلتفت عن يساره، قال ابن مسعود: [[لا يجعل أحدكم حظاً للشيطان من صلاته، يرى أنه لا يلتفت إلا على اليمين، لقد رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يلتفت كثيراً -أو كما قال- عن يساره]] ويقول أنس بن مالك: [[أكثر ما كان يلتفت الرسول صلى الله عليه وسلم عن يمينه]] فإذا قابل الناس أتى بالدعاء المأثور والأذكار، ومنها: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، اللهم لا مانع إلا لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
وحديث أبي هريرة الصحيح المعروف {وتسبح ثلاثاً وثلاثين، وتكبر ثلاثاً وثلاثين، وتحمد ثلاثين وثلاثين} وأما قوله: {وتكبر أربعاً وثلاثين} فقد جاء عند الترمذي عن علي، لما علمه النبي صلى الله عليه وسلم هو وفاطمة الذكر عند النوم.
أمَّا بَعْد الصلاة فيقول: لا إله إلا الله، تتمة المائة، أما قراءة آية الكرسي بعد الذكر فقد أوردها ابن القيم، وقد روى النسائي في السنن الكبرى بسندٍ فيه ضعف، عن أبي أمامة أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: {من قرأ آية الكرسي بعد كل صلاة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت}.
قال ابن القيم وقد تكلم عن ضعف الحديث: ورأيت شيخنا ابن تيمية يقرأ آية الكرسي.
وقد سألت سماحة الشيخ الوالد ابن باز، فقال: يقرأ آية الكرسي بعد كل صلاة.
وأما ضعف الحديث فهو من فضائل الأعمال، وقد ذكره ابن تيمية في المجلد الثامن عشر من الفتاوى، قال الإمام أحمد: إذا أتى الحديث في الحلال والحرام تشددنا، وإذا أتى في الحلال تساهلنا.
والتساهل في الحديث الضعيف يكون بثلاثة شروط:
الأول: ألا تعتقد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله.
الثاني: ألا يكون شديد الضعف.
الثالث: أن تؤيده قواعد وأصول الإسلام.
فهذا الحديث تؤيده قواعد؛ لأن آية الكرسي من الذكر، ومن فضائل الأعمال، وليس بضعيف شديد الضعف، إن شاء الله.
وقراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق:1] و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس:1] بعد كل صلاة، رواه الطبراني كما أورده ابن حجر في بلوغ المرام، ولكنه حديثٌ ضعيف، ومن قرأها فلا بأس إن شاء الله.