التحليل والتحريم من خصائص الله ورسوله

المسألة الثالثة عشرة: يقال عن الملتزمين: إنهم يحرمون كل شيء، حتى سمعت من بعضهم مشافهةً من رجل له قَدْرَة، يقول: صليت مع خطيب جمعة، فقال: الربا حرام، والغناء حرام، والصور حرام، والدخان حرام، وكل شيء حرام.

هل يقول هذا؟ إن كان أحد الناس يعني معتوه، أو جاهل، أو مرفوع عنه القلم قال هذا، لكن هل يستطيع خطيب أن يقول هذا ويسكت المصلون عنه؟! لا لأن عندنا فضلاء، وطلبة علم، والشعب مسلم، ومثقف، وواعٍ، فلا يمكن أن يقول خطيب في مسجد فيه خمسمائة رجل هذا الكلام ويسكت الناس، وعلى الأقل أن ثمانين في المائة منهم يعرفون أن كل شيء ليس بحرام، فسيوقفونه بعد الصلاة ولو عشرة منهم ويحاسبونه على الكلمة، لكن معنى هذه الفرية: أن تأخذ تصوراً أن هؤلاء الشباب والدعاة والخطباء يحرمون كل شيء، فتقول: حسبنا الله عليهم.

فبالله عليكم، هل يعتقل أن الدعاة يعتقدون تحريم كل شيء، والله يقول: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [النحل:11] وكثيراً ما تجد بعض الناس له تخصص غير شرعي، كأن يكون تخصصه طب، أو أدب مجرد، أو هندسة، أو أي فنٍ آخر، يلوم أهل الشريعة ويقول: هم متطرفون، مع العلم أن المنهج الشرعي أن كلاً يحترم تخصصه، فهم الذين يفتون الناس، وهم الذين يدرسون معتقد أهل السنة والجماعة، وهم الذين يخبرون بضوابط التكفير، وهم الذين يصدر الناس عن رأيهم، ويعلم هؤلاء الملتزمون من الدعاة وغيرهم أنه لا يحل لأحدهم أن يحرم إلا ما حرم الله ورسوله، وهذه كلمة ابن تيمية، لا يحل لأحد أن يحرم إلا ما حرم الله ورسوله ولا يحل إلا ما أحله الله ورسوله، ولا يوجب إلا ما أوجبه الله ورسوله، ولا يكره إلى ما كره الله ورسوله، ولا يستحب إلا ما استحبه الله ورسوله؛ ولذلك يلام بعض الناس أن يقف على المنبر ويقول: يجب عليكم كذا وكذا، وهذا من كيسه وقد لا يوجبه الكتاب والسنة، فلا بد من تقييد الألفاظ، ولا بد من الوقوف مع مدلولات الكلمات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015