وهناك مسألة وهي: هل يجوز الدفن بالليل أم لا؟ لأنه ورد في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: {زجر صلى الله عليه وسلم عن الدفن بالليل} أي: نهى عليه الصلاة والسلام أن تدفن الجنازة بالليل، ومنع عليه الصلاة والسلام دفن الجنازة بالليل، وأصل هذا الحديث له روايات في أبي داود وفي بقية السنن، فهل يجوز أن تدفن الجنازة -جنازة المسلم- بالليل، فإذا مات في أول الليل، فهل يحبس إلى الصباح ثم يدفن؟
الصحيح أنه يجوز أن يدفن بالليل، دل على ذلك أحاديث منها: حديث أبي هريرة في البخاري: {توفي رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفناه من الليل، فأخبرناه عنه، فقلنا: يا رسول الله! توفي رجل البارحة فدفناه من الليل}.
فكيف نجيب على حديث جابر؟
يجيب عليه بعض أهل العلم كـ ابن حجر وغيرهم، يقول: إنما زجر الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا؛ لأنها حادثة عين، كان هناك رجل دفن بالليل، فلم يحسن كفنه في الليل، وما اعتنوا بكفنه، فضموه ودفنوه بالليل، فزجر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدفن الميت بالليل حتى يرى كفنه ويحسن، فإذا أحسن كفنه فلا عليه، سواء بليل أو نهار، وهذا الذي يدل عليه حديث أبي هريرة أنه لا بأس أن يدفن الميت ليلاً، وهذا لا شك فيه، بل هو الصحيح، على أن بعض أهل العلم ذهب إلى حديث جابر ورجح أنه لا بد من النهار.
وذكرنا الإسراع بها وأنه من السنة، وأن المسلم عليه أن يحضر هذه الجنائز وأن يتقي الله عز وجل، قال عطاء: [[حضور الجنازة خير عندنا من صلاة النافلة]].
وفيها الاتعاظ العظيم، وتذكر الرحيل والقدوم على الله عز وجل.