أتت امرأة إليه صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح- فأخبرته أنها زنت، وأنها أسرفت على نفسها، فأشاح صلى الله عليه وسلم بوجهه -لا يريد أن تعترف- يقول: {ادرءوا الحدود بالشبهات} يريد أن ييسر على الناس، فأتته من الجهة الأخرى فاعترفت فأشاح، حتى اعترفت أربع مرات، وهي تطلب أن يطهرها عليه الصلاة والسلام، وهي ثيب, وحد الثيب أن ترجم بالحجارة حتى تموت، لكن قدمت نفسها رخيصةً في سبيل الله.
فقال لها صلى الله عليه وسلم: عودي حتى تضعي، فعادت حتى وضعت ولدها، وأتت به في لفائف، فرآها صلى الله عليه وسلم، فقال: عودي حتى ترضعيه، فأرضعته سنتين، ثم أتت به وهي صابرة محتسبة تريد الله والدار الآخرة.
قال صلى الله عليه وسلم: من يكفل هذا الغلام وهو رفيقي في الجنة، قال أحد الأنصار: أنا يا رسول الله، فأخذوها وذهبوا بها يرجمونها بالحجارة، وهي صابرة محتسبة، فلما قتلوها قال أحد الصحابة: ليتها استترت، قال عليه الصلاة السلام وقد سمعه: والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها سبعون رجلاً من أهل المدينة، لوسعتهم} وفي لفظ: {والذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها أهل المدينة لوسعتهم، والذي نفسي بيده إني لأراها تنغمس في أنهار الجنة}.
هذا هو ربنا التائب الرحيم سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
تنبهوا يا رقود إلى متى ذا الجمودُ
فهذه الدار تبلى وما عليها يبيدُ
الخير فيها قليل والشر فيها عتيدُ
والبر ينقص فيها والسيئات تزيدُ
فاستكثر الزاد فيها إن الطريق بعيدُ
أمامك حفرة مظلمة، والله لا يجليها اللهُ إلا للمتقين، أمامك قبر صرع فيه الملوك والرؤساء والأمراء والوزراء والتجار، أمامك قبر أخذ القرون حتى أرداهم.
أبني أبينا نحن أهل منازل أبداً غراب البين فيها ينعق
نبكي على الدنيا وما من معشر جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا
صم إذا نودوا كأن لم يعلموا أن الكلام لهم حلال مطلقُ