السابع: التفوق في أسلوب الدعوة، تفوقاً تاجه اللين، لين يسبي القلوب، ويشتري به الأرواح ويملك به الرقاب، وأنا أقول عن هذه الصحوة المباركة: إنها صحوة معتدلة ومتأنية، منضبطة في العموم الغالب، إنه لا يحكم عليها بالتطرف أبداً، وليس التطرف في الصحوة الإسلامية ظاهرة حاشا وكلا، فليس بظاهرة، ربما أتت صور لا يخلو منها البشر؛ لكن العموم والسواد الأغلب صحوة منضبطة، عاقلة، متزنة، تعرف الكتاب والسنة، وتتعامل مع الواقع بحكمة، وهي بإذن الله أساس سعادة البلاد والعباد، وهي بإذن الله تبشر بالخير؛ لأنها صحوة قامت على التوحيد، وجعلت محمداً عليه الصلاة والسلام إمامها، ولأنها صحوة، جعلت أياديها في أيادي البعض والتفت حول القيادة العلمية الراشدة في هذه البلاد، فهي تسير بخطى مطمئنة إلى الله عز وجل.
إن التطرف في غير الصحوة كثير وهناك تطرف يسمى التطرف اللاديني، وذلك في الكأس، وفي الاستهزاء بالدين، والسخرية بالصالحين، في الحداثة، والزندقة وبيع القيم والهجوم على المرأة وإخراجها سلعة، وبالتشدق والسخرية بالكتاب والسنة، وفي السفر إلى الخارج للمعصية، هذا هو التطرف اللاديني.
أيها المسلمون! كان عليه الصلاة والسلام ليناً، قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159] وأنا أقول وأنتم تقولون معي: لم ننجح في دعوتنا إلا باللين، الله يرسل موسى عليه الصلاة والسلام مع هارون إلى فرعون فيقول لهما: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه:44].
تعهدني بنصحك في انفراد وجنبني النصيحة في الجماعه
فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني وعصيت أمري فلا تجزع إذا لم تعط طاعه
والله عز وجل يقول للرسول عليه الصلاة والسلام الداعية: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34] وفعلاً دفع بالتي هي أحسن، فأتى أعداؤه الذين قاتلوه في المعارك يبكون يوم الفتح بين يديه ويقولون: {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف:91].
لقد تفوق باللين، هل سمعتم منه كلمة نابية؟ أن هناك كلمة نابية في كتب السنة عنه، هل جرح المشاعر؟ هل سب وشتم؟ لا.
بل كان متأدباً، كان ينزل الناس منازلهم، ولم يكن يفضح الناس، أو يشهر بالعصاة، كان يقوم على المنبر فيقول: {ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا} فيفهم المخطئ أنه أخطأ، ولا يدري الناس أن المخطئ فلان بن فلان، أي حكمة هذه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل:125].