الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هادياً، ومبشراً ونذيراً.
يقول الله تعالى:
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:24].
أما أعداء الله: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم:42 - 43]
وأخيراً: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108]
(على بصيرة) ما أحسن الكلمة! وما أجمل العبارة! فما هي البصيرة؟
إنها التوحيد الخالص، فلا يربون الأجيال على شرك ووثنية وخرافة.
بل على بصيرة: على منهج رباني خالد، فلا يربون الأمة والأجيال على قوانين وضعية.
بل على بصيرة: فينصحون لله ولكتابه ولرسوله ولولاة الأمر، فلا يألبون ولا يشغبون عليهم، ولا يثيرون على البلاد والعباد فتنة.
على بصيرة: فينصحون للعامة ويقودون الأمة إلى الاستقامة والالتزام والسكينة والأمن والإيمان.
ولكن اسمعوا إلى تلكم البصيرة في عشرة أسباب أنتجت بإذن الله ذاك الداعية الموفق عليه الصلاة والسلام.
أتسأل عن أعمارنا أنت عمرنا وأنت لنا التاريخ أنت المحرر
تذوب شخوص الناس في كل لحظة وفي كل يوم أنت في القلب تكبر
عليه الصلاة والسلام، أنا أتلوها عليكم ثم أفصلها، والله المستعان.
لماذا تفوق؟ الله معه كيف انتصر؟ الله حسيبه وكافيه.
لماذا أنتج هذا الجيل وهذه الأمة، والبلاد؟ لأنه يدعو إلى الله على بصيرة هو وأتباعه، ولأن أتباعه ليسوا مرتزقة كلام، ولا مروجي فتنة، وليسوا خوارج، ولا يلعبون بالنار، ولا ينثرون الدماء على الرءوس، بل هم عقلاء، يعرفون أين يضعون أقدامهم.
إنهم قادة الأمة إلى شاطئ الأمان، غيرهم المفسد والمنافق والذي يشعل الفتنة ثم يتركها ويفر.
أما أسباب تفوق الداعية العظيم عليه الصلاة والسلام فعشرة أسباب:
الأول: التوحيد الصادق، والتوكل الذي يحطم زيف الباطل وينسف ركام الجاهلية.
الثاني: الطموح الذي يتخطى آفاق الزمن وأقطار التاريخ وحدود الدهر.
الثالث: الثبات على المبدأ ثبات الواثق من العاقبة المتأكد من الخاتمة.
الرابع: التعالي على متع الحياة وبريق المادة، وجميع الأعراض الفانية.
الخامس: البذل والتضحية؛ بذلاً وتضحية كأنها من أساطير الأخبار لولا أنها حقائق، وكأنها من نسج الخيال غير أنها ثوابت.
السادس: استصحاب الزاد في الطريق الشاق، زاداً من العبادة المتأملة، والذكر الحي، والخشوع العجيب، والتبتل المنقطع النظير.
السابع: التفوق في أسلوب الدعوة تفوقاً تاجُه اللين، ليناً يسبي القلوب، ويشتري الأرواح، ويملك به الرقاب عليه الصلاة والسلام.
الثامن: العمل بما يدعو إليه، فإذا جوارحه تسبق لسانه، ودمعاته تسبق عباراته، وإذا هو قرآن يمشي على الأرض، وقداسة تتحرك على الكوكب.
التاسع: استغلال المواهب، وتوجيه القدرات، والاستفادة من العقول التي استنارت بنور الوحي.
المصلحون أصابع جمعت يداً هي أنت بل أنت اليد البيضاء
العاشر: وعد محبيه وأتباعه وتلاميذه برضا الله وجنة عرضها السماوات والأرض، هذا هو الثمن للتضحيات، وأيما ثمن دونه فإنما هو غبن لا يساوي الجهد المبذول والتضحية.