جنازة ابن تيمية

خرجت جنازته في الضحى، فخرج الناس من كل السكك ومن كل صوب، وأغلقت المحلات والحوانيت والأسواق وتوقف اليهود والنصارى عن مزاولة الأعمال، ولما خرجت هذه الجنازة قال ابن كثير: خرج الناس من باب دمشق يدخلون إلى المسجد الجامع ودخلوا من باب البريد ومن باب الجابية حتى حصروا بما يقارب بثمانمائة ألف، وخرجت النساء على الأسطحة بما يقارب ثلاثين ألف امرأة، كل الناس يبكون ويكبرون ويهللون.

أما جنازته فيقول ابن كثير: كنت فيمن رآه ودخلت مع المزي ورفعت الثوب عنه بعدما غسل، فرأيت الشيب قد اعتلى رأسه فقبلته وبكيت وقلت:

على مثل ليلى يقتل المرء نفسه وإن كان لا يرضى بـ ليلى المواليا

خرجت جنازته واحتملها الناس قالوا: ومن كثرة الناس لو صب حب السمسم على الناس لما وقع منه شيء، من اصطفاف الناس ومن زحمة الناس، قال: وتقطعت الأحذية وتمزقت ثياب الناس، قال: وأما الجنازة فإنها تذهب مرة على الأصابع من كثرة من يحملها قال: تذهب إلى باب الفراديس وتعود على الأصابع حتى تعود إلى المسجد، ثم تذهب إلى هناك ثم تعود وفي الأخير بكل مشقة أدخلت في الجامع الأموي، ووضعت هناك، وجاء الجنود معهم الخيزران -كما يقول المؤرخون- يطردون الناس عن الجنازة حتى توقفت الجنازة، قام إمام دمشق فكبر فبكى عند التكبيرة الأولى على ابن تيمية، وصُلِّي عليه مرات كثيرة، وفي الأخير زحف الناس إلى مقبرته وواروا جثمانه الطاهر، ورئيت له منامات عظيمة جداً، ومن أراد الاستزادة من علم هذا العالم فعليه أن يراجع سيرته.

وأوصي نفسي وكل مسلم وطالب علم أن يقرأ لـ ابن تيمية بلا فتور ولا ملل، فإنه والله العظيم كما يقول كثير من أهل العلم الذين عاصروه والذين قرأوا كلامه: ما سمعنا بمثله من بعد القرون الثلاثة المفضلة ولا قرأنا لمثله، وعلى كلامه نور من الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015