ثانياً: دعوة الناس وتقديم الحق لهم، فقد احترقت أوراق المناهج الأرضية والأنظمة الوضعية، وأصبحت كاذبة فاشلة أمام الناس، وصَدَّق الناس أنه لا ينقذهم بإذن الله إلا الإسلام، فمن يقدم الإسلام، إن الإسلام ليس جبلاً ولا نهراً ولا شجرة، إنما الإسلام يكمن في أناس يحملونه.
أتى الخوارج إلى علي بن أبي طالب، قالوا: حكمت الرجال في دين الله، قال: ماذا فعلتُ؟ قالوا: صيرت الحكمين بينك وبين معاوية، فأخذ علي مصحفاً كبيراً -وهذا عند ابن كثير وعند الذهبي - وأخذ يقول: [[يا قرآن يا مصحف احكم بيني وبين معاوية]] ثم يلتفت إلى المصحف ويقول: أما تتكلم؟! والمصحف لا يتكلم، والإسلام لا يتكلم، لكن يتكلم أصحابه ويحكمون، والله عز وجل لو كفى إنزال نسخ من القرآن لكان أنزلها على أبي جهل وعلى أبي لهب ووزعها على أهل مكة بواسطة جبريل، لكن أنزل رسولاً يحكم، والله يقول له: {لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء:105] ويقول له: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} [النجم:1 - 2] فأنتم الآن البديل، وأنتم الطرح المعقول، وأنتم الخير المنتظر الذي ينتظره العالم.
لكن:
إني أبشر هذا الكون أجمعه أنا صحونا وسرنا للعلا عجبا
بفتية طهر القرآن أنفسهم كالأسد تزأر في غاباتها غضبا
عافوا حياة الخنا والرجس فاغتسلوا بتوبة لا ترى في صفهم جنبا
أنتم الآن البديل، قلت لكم من قبل ستة أشهر، وصلت رسالة من أحد الشباب العدنيين من أوزبكستان، وأظنها والله أعلم ولاية في جنوب الاتحاد السوفيتي، أرسلها من هناك وقال: إي والله، هذا شيوعي من عدن يدرس هناك علماً دنيوياً، فهداه الله على يد أناس من الدعاة في تلك الجمهورية الإسلامية، فأعلن إسلامه وهو يقول: المصاحف عندنا في الولاية نتداولها، كل يوم يكون المصحف في بيت لنقرأ كلام الله، العالم بحاجة إلى إسلام، العالم يريد هذا الدين، العالم يريد هذا الإيمان الذي بعث به محمد عليه الصلاة والسلام، فمن يحمله ومن يقدمه؟ أنتم أيها الناس، لقد قدم أولئك لكم الثلاجة والبرادة والصاروخ والطائرة، وهم ينتظرون منكم أن تقدموا لهم حياة الإيمان وحياة الغيب والشهادة، وحياة الدنيا والآخرة والسعادة الأبدية التي تكمن في دين الإسلام.
إذاً: البديل هو الإسلام، فقد أعلن كل منهج أنه أفلس وأنه لا يستطيع أن يوجه البشر، لأن الذي يوجه البشر هو الذي خلق البشر، وفطرهم سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.