الثالث: الجماعة التي لا تجتمع على حق، وكل جماعة أسست على ضلالة فخاتمتها الانهيار والله يقول: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة:109] يذكرني هذا بكلام عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه كما في صحيح البخاري يقول: [[إذا رأيت قوماً يتناجون في دينهم، فاعلم أنهم على دسيسة]] وأي جماعة أو حلف أو أسرة اجتمعت على باطل فسوف يهدم الله الباطل على رءوسهم: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت:41] بعض المفسرين العصريين له كلام جميل، يعرض قضايا في الآية منها:
* أن الأنظمة الوضعية وإن طالت وعظمت فإنها كخيوط العنكبوت تنهار.
* أن الذي لا يؤسس على قرار فإن مصيره إلى الدمار.
* أن الأيادي التي ليست يد الله فوقها فإنها خاسرة خائبة، فالله يقول لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح:10] فما أحسن التعبير! وما أحسن النظام الذي يعيشه المسلم ويد الله فوق يده ترعاه وتحوطه وتحفظه وتكلؤه!!
قام كارل ماركس واخترع نظرية الشيوعية هذه وألفها في مذكرة، وأنا صراحة أقول لكم: لقد قدم كارل ماركس لشيوعيته ولنظريته أكثر بكثير مما قدمت أنا وإياكم للإسلام، فمن شاء أن يغضب منكم فليغضب، ومن شاء أن يرضى فليرض، ضحى تضحيات ما ضحيناها نحن لديننا وهو خاطئ، حتى يقول عمر رضي الله عنه: [[اللهم إني أعوذ بك من جلد الفاجر ومن ضعف المؤمن]] وهذا أمر عجيب، وهذه مصيبة عظمى أن تجد الفاجر فيه جلد وصبر وتضحية هائلة، وتجد المسلم خائفاً جباناً، خواراً، لا يرفع مبادئه.
كارل ماركس كان في بلجيكا ودخل بيتاً هو وامرأته وطفلاه بغير إذن، وكان عليه ثوب مقطع، والسبب أنه ألف نظرية الاشتراكية الاقتصادية؛ لأنه يدعو الناس إلى اشتراك الاقتصاد وهو جائع وعارٍ لم يجد عملاً في بلجيكا ذهب إلى كل مؤسسة وطردته، دخل في أثناء المطر بيتاً، فأتى صاحب البيت فأخرجه هو وأطفاله وسحبه من رجليه وألقاه إلى الشارع، وذهب إلى فرنسا وأدخل الحبس، لأنهم يقولون: يريد أن يثور على الرأسمالية ثم نقل إلى انجلترا وسجن فترات، ومع ذلك ما زال مصراً يسجن ويحبس ويسحب وهو مصر، وفي الأخير طبقت نظريته واعتنقها مليار (ألف مليون) فـ الصين والاتحاد السوفيتي في ناحية، ثم يدخل في ذلك حلف وارسو بما في ذلك تشيكوسلوفاكيا وبولندا ويوغسلافيا.
، هذه الدول الشرقية كلها على نظريته في الاقتصاد، وبعض الدول العربية في ذلك، وتركوا محمداً عليه الصلاة والسلام ورسالته، وسوف يأتي معنا كلام الشيوعيين العرب الآن.
في عام (1917م) قام الحزب الشيوعي بالحكم وقتل لينين من الشعب الروسي في أيام معدودة (ستة عشر مليوناً) ومجموع ما قتل من الشعب من الاتحاد السوفيتي (واحد وثلاثون مليوناً) كسكان هذه البلاد ثلاث مرات، قتلهم، وهذه مثبتة في وثائق عن الشيوعية، وفي الموسوعة السياسية، وأعلن ذلك مثل أنور الجندي وغيره من الكتاب.
إن الشاهد في ذلك أنه حكمهم بالحديد والنار، وأقام هذه الجمهورية على الجماجم، وفعل استالين أدهى وأمر من ذلك.
نخرج من هذا: بأن أي فئة طغت في فترة من فترات التاريخ فإنها سوف تنهار، ولا يغرك أن يستقيم نظام علماني في البلاد العربية أو غيرها في فترة من فترات الزمن، فإن الله أعلن عليهم الانهيار، وأعلن أن هذا الأمر لا يستمر.