ومن الأسباب في النكبات: ظهور المنكر بلا إنكار، يقول عليه الصلاة والسلام: {إنما هلك الذين من قبلكم أنه كان الرجل يلقى أخاه فيقول: اتق الله! لا تفعل كذا، ثم لا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه} أو كما قال عليه الصلاة والسلام والحديث صحيح، قال سبحانه: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:78 - 79] وقال سبحانه: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف:163] اسمع أسلوب القرآن! انظر إلى الروعة والجمال والإبداع! يتكلم في سورة الأعراف، وفجأة بعد أن انتهى من قصة موسى قال: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} [الأعراف:163] جمال القرية.
بأنها تسكن على شاطئ البحر، اسألهم عنها هل سمعوا بخبرها وماذا فعلنا فيها؟
ثم وصف الله من أخبارها وكيف دمرها؛ لأنها فعلت المنكر، وكان كثير منهم يستمريه، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.
العرب تقول: من أنذر فقد أعذر، ويقول عليه الصلاة والسلام في الصحيح: {يغزوا جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وآخرهم، قالت: أم المؤمنين أم سلمة وقيل: عائشة: يا رسول الله! كيف بمن لا ذنب له فيهم والصالحين -يعني: من الخدم والأتباع- قال: يهلكون مهلكاً واحداً ثم يبعثون على نياتهم} أي: يبعثهم الله.
فالزلازل الذي يصيب بعض المدن بسبب فجور كثير من الناس، فيموت الصالحون والطالحون، فأما الصالح فيبعثه الله على نيته شهيداً، وأما هذا المجرم فيبقى مجرماً إلى يوم يلقى الله في يوم العرض الأكبر.
يقول أهل العلم: دخل هارون الرشيد على الفضيل بن عياض فقال: انصحني، قال: يا جميل الوجه! احذر أن يعذب الله وجهك بالنار، أو أن تغير النار وجهك الجميل -لأن هارون الرشيد كان جميل الوجه- فيقول له الفضيل: إن كنت تتقي الله فاحذر على وجهك أن يتغير من عذاب الله -أي: النار- فبكى هارون حتى كادت أضلاعه تختلف، فيقول وزيره: يا فضيل! لا تقتل أمير المؤمنين قال: سبحان الله! تقتله أنت وتنسب القتل لي، يقول: أنت المسئول، أنت الذي دائماً يغريه بالأفعال، ثم تقول: أنا الذي أقتله، تقتله أنت وأصحابك ثم تدعي أنني قتلته! أو كما قال.