البدء في الدعوة بالأهم فالمهم

Q نلاحظ دائماً أن بعض شيوخ المسلمين يركزون على عدم حلق اللحية وتقصير الثوب قبل أن يدعوا إلى عماد الدين وأساسه وهي الصلاة، ألا ترى أن الشيء الثانوي يمكن أن يطبق بعد أن يطبق الشيء الأساسي كالصلاة والصوم والحج مثلاً؟

صلى الله عليه وسلم الداعية المسلم لابد أن يكون منهجه منهج القرآن والسنة المحمدية على صاحبها الصلاة السلام، فيعطي للقضايا مساحة لا تتجاوزها، كل قضية يعطيها حجمها، فالقرآن أعطى العقيدة ثلاثة أرباع المصحف، وأعطى الذنوب والخطايا والإصلاحات قدرها، فالغيبة لها آيتان، والحسد له آيتان، واتباع السنة له آيات.

فقضية أن يهول الإنسان أو يضخم بعض القضايا ليس بصحيح، وقضية أن يطمسها تماماً ليس بصحيح، لكنه يقدم الإسلام على شكل أولويات، فيبدأ بالعقيدة وبالفرائض، ثم بالواجبات، ثم بالسنن والمندوبات، ثم بالآداب العامة والمروءات، هذه هي الصورة المطلوبة، والدعاة يظهر من الاستقراء لأحوالهم عبر التاريخ أنهم على ثلاثة أقسام: طرفان ووسط:

الطرف الأول: رجل يدعو إلى هذه الأمور الصغيرة، فيحجمها ويجعل الإيمان والكفر والولاء والبراء عليها، يرى أنه لا يدخل الإنسان في أهل السنة والجماعة حتى يربي اللحية ويقصر الثوب ويحمل سواكاً معه، ويتكلم دائماً في اللقاءات العامة عن هذه القضايا، وينشرها ويترك ما هو أكبر منها، الخمر يزاول ويداول، والزنا منتشر، والربا منتشر، وكذلك ترك الصلوات والمخالفات، فيجعل هذه القضايا همه دائماً، وهذا قد تطرف في هذا الجانب.

الطرف الثاني: رجل يقول: نبدأ نحن بالمعتقد وأما هذه فلا علينا منها، هذه السنن إنما هي قشور، وهذا قد أخطأ كذلك كما أخطأ الأول.

أما المتوسط: فهو الذي يعطي الأمور حجمها وطبيعتها ورسالتها، يضخم ما ضخمه الإسلام، ويعطي كل شيء قدره الذي أنزله الله عز وجل.

فنحن نقول لهذا الداعية: عليك أن تدعو إلى هذه الأمور، لكن لا تنس هذا الجانب، لا تنس جانب سلوكه صلى الله عليه وسلم وخلقه قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:21].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015