يذهب أحدهم إلى أوروبا وإلى أمريكا فيجد السبل مفتوحة، يأتي إلى أشياء بسيطة من التعامل والانضباط في حياة الأمريكان والإنجليز، فيأتي ينقلها لنا ويقول: ما رأيت أمة مثلهم في الانضباط، يقفون طوابير عند المطارات وفي الدخول إلى الصالات، ونسي جرائمهم التي هي مثل الجبال الرواسي، جرائم مخالفة الواحد الأحد، جرائم اختلاف الأنساب وهتك الأعراض، الزنا وشرب الخمر وضياع القيم، القتل والإبادة والنهب والسلب.
فواحش قد أظلمت منها السما والأرض منها أوشكت أن تقصما
هذه الفواحش نسيها وأتى إلى عالم الانضباط.
أهل العراق وما أدراك ما أهل العراق؟! أتوا إلى ابن عمر وهو يفتي الناس في الحج، فقال عراقي في رأسه ورع بارد والورع البارد موجود عند بعض الناس، قال لـ ابن عمر: بـ ابن عمر! قال: نعم.
قال: ما على المحرم إذا قتل بعوضة؟
ما هي الكفارة والفدية إذا قتل المحرم بعوضة؟
قال ابن عمر: من أين أنت؟
قال: من أهل العراق.
قال: قاتلكم الله يا أهل العراق، تقتلون الحسين ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأتون تستفتونني في ذباب أو في بعوض!
هذا ورع بارد، يأتي بعض الناس من هناك فيخبروننا ببعض الانضباط في المواعيد وأن الأمريكان أمة صادقة، أمة مخلصة منضبطة، أمة تقهر شهواتها، ولكن نسي هذه الجرائم، فهذا من مرض الشهوات وهو نفاق عملي ليس اعتقادياً.