صبره عليه الصلاة والسلام

أما صبره عليه الصلاة والسلام، فقد كان من أصبر الناس، واختلف العلماء، هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم غنياً شاكراً، أم كان فقيراً صابراً؟ وهي تبنى على مسألة، أيهما الأفضل الغني الشاكر أم الفقير الصابر؟

فبعضهم يقول: الفقير الصابر أفضل، ويستدل بأدلة، وبعضهم يقول: الغني الشاكر أفضل، ويستدل على أن الغني الشاكر أفضل بسليمان عليه السلام، وابن عوف وعثمان والفوا في ذلك كتباً ورسائل، والصحيح ما قاله ابن تيمية في جملة واحدة، لخص هذه الكتب جميعها، وقال: الصحيح أن أفضلهما أتقاهما.

هذا هو الجواب، ولا أغالي فيه، لكن تجد في الناس من يكتبون خمسمائة صفحة أو ستمائة صفحة في مجلدات، فيأتي هو بكلمة فينهي الخصام، واختلفوا في الزهد، ما هو؟ بعضهم قال: ترك الدور والقصور، والتجرد عن الثياب ومفارقة الأحباب، وبعضهم قال: لا، الزهد في الدنيا: أن تقلل من الطعام والشراب، وأن تقلل من لبس الثياب، فأتى هو وقال: الزهد: ترك ما لا ينفعك في الآخرة، ذكره في المجلد العاشر، وابن القيم هام في حبه فقال: ما سمعت أحداً تقدم إلى هذا الكلام، الزهد ترك ما لا ينفعك في الآخرة.

فأقول: صبره عليه الصلاة والسلام صبر مضبوط بالشريعة، وقد كان على الصحيح غنياً شاكراً، وفقيراً صابراً مر به الفقر حتى ما وجد ما يسد به رمقه صلى الله عليه وسلم، فصابر ومر به صلى الله عليه وسلم الغنى، حتى كان يقول: لك مائة ناقة، ولهذا مائة، ولك مائة غنم وفي حنين أربعة وعشرين ألف ناقة تقريباً، وبعضهم يقول: سبعة آلاف ناقة، وأربعة وعشرين ألفاً من الغنم، فقد أتته أموال فأصبح غنياً شاكراً، وكان فقيراً صابراً، ولكن كان صبره احتساباً.

مسألة: هل الصبر واجب أو مستحب؟ الصحيح أنه واجب عند علماء الإسلام.

وهل الرضا واجب أو مستحب؟ الصحيح أنه مستحب عند علماء الإسلام أو عند أكثر علماء الإسلام، الرضا: أن ترضى عن الله في قضائه وقدره، هذا مستحب، وأما الواجب فهو أن تصبر {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل:127] على خلاف في المسألة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015