كرمه عليه الصلاة والسلام

وكان كرمه صلى الله عليه وسلم منضبطاً بضوابط:

أولاً: أن كرمه كان لوجه الله، وحاتم كريم، لكنه رياء، وابن جدعان كريم، لكن لطلب الشهرة في الناس تقول عائشة، كما في صحيح مسلم: {يا رسول الله! إن ابن جدعان كان يتصدق وينفق ويعتق -إن عبد الله بن جدعان كريم مكة كان صعلوكاً ما عنده شيء، فخرج يرعى الغنم، فوجد في عرفات آجوراً من ذهب فأخذها فجعل ينفق منها ليطلب الصيت في العرب، وكان جاهلياً، وهو المقصود، بقول الشاعر:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني حباؤك إن شيمتك الحباء

إذا أثنى عليك المرء يوماً كفاه من تعرضه الثناء

-

فقالت عائشة: يا رسول الله! هل ينفعه عند الله؟ قال: لا.

إنه لم يقل يوماً من الدهر، رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين} وعدي بن حاتم يقول: {يا رسول الله! إن أبي -أي حاتم الطائي، ومن الذي لا يعرف حاتم الطائي، فإنه طلب الصيت فأعطاه الله الصيت- قال: يا رسول الله! هل ينفع أبي ما كان يفعل في الجاهلية، فإنه كان يحمل الكل ويعين على نوائب الحق ويكسب المعدوم؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا.

إن أباك طلب شيئاً فأصابه} طلب الصيت في الدنيا فأعطاه الله الصيت، لكن ليس له عند الله من خلاق، ويأتي كرمه صلى الله عليه وسلم وبذله الذي ما وراءه شيء.

ما قال لا قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاؤه نعم

وبذله صلى الله عليه وسلم وقت الحاجة، لأن بعض الناس يبذل لكن في غير وقت الحاجة، تجده يضيف الأغنياء لكن الفقراء لا يدعو أحداً ولا يهدي له شيئاً، فقط رياءً وسمعةً، قال تعالى: {فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً} [الأنفال:36] فمن ضوابط إنفاقه صلى الله عليه وسلم أنها كانت للحاجة مع الإخلاص، ثم كان لا يوصل إليه في درجة الإنفاق، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: {كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، فكان أجود بالخير من الريح المرسلة} ويبقى مسألة الصبر والحلم والشجاعة والزهد، وسوف أتعرض لها بإيجاز ليبقى وقت للأسئلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015