المسألة الثانية والعشرون: ماذا يقول الصائم إذا شتم؟
إنسان شتمك -نسأل الله العافية- أو سبك أو انتهك عرضك وأنت صائم، هل تقول: اللهم إني صائم فتذهب إلى بيتك فتأخذ هراوة، فتأتي تضربه؟ وتقول: مادام أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الشتم والمسابة فالهراوة أجدى سبيل وأحسن وألين، هذا من باب قول بعضهم في الآية: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء:23] قال: أما الأف فلا تقول لكن الضرب ما ورد في الآية، فالله عز وجل لا يقول في الآية: لا تضرب والديك، لكن يقول: "لا تقل لهما أف" فأين الضرب؟ لو كان الضرب وارداً لقال سبحانه: ولا تضربهما، فقالوا: هذا قياس مخروم، وهو من ضعف العقل وضعف الاستنباط.
فالمقصود الشتم وما فوقه كالملاكمة والضرب على الوجه والضرب بالهراوة وكذلك يدخل فيها المشعاب، إذا علم هذا بارك الله فيكم فإذا شتم فما الحكم هل يقول: إني صائم بلسانه أو بقلبه؟ اختلف أهل العلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المتفق عليه عند البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة: {فإذا سابَّه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم} فهل يقول بقلبه إني صائم أو بلسانه، إنسان كلما أصبحت أخذ بتلابيب ثوبك في رمضان، وجرجرك وشتمك ماذا تفعل تقول بنفسك: إني صائم؟ يختار ابن تيمية أن تقول بلسانك: إني صائم وهذا هو الصحيح، وكلمة فليقل يعني باللسان، وعقد القلب لا يسمى قولاً إلا في المجاز، وقوله: فليقل إني صائم لها فوائد منها:
الأمر الأول: أن تذكره أنك صائم لعله أن يخشى الله ويتقيه فيك، يعني كأنك تقول: جائع وتعبان وحالي ما يتحمل الضرب اتركنا حتى نفطر ونصلي التراويح ثم اضرب جزاك الله خيراً، فإذا قلت: إني صائم فلعله أن يرحمك.
الأمر الثاني: كأنك تقول: إني صائم تذكر نفسك أنت لا تعتدي، فهذا الصحيح إن شاء الله وهذا ترجيح ابن تيمية.