المسألة السادسة عشرة: من أكل أو شرب أو جامع ناسياً:
أو هذه مسائل المفطرات -الأكل والشراب والجماع-بالسنة والكتاب والإجماع، فمن أكل أو شرب ناسياً فليس عليه شيء، لحديث أبي هريرة المتفق عليه: {من أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه}.
وجاء رجل إلى الحسن البصري وكأنه متنفل فقال: يا أبا سعيد! قال: نعم، قال: نسيت الصباح اليوم وأكلت خبزاً وأنا صائم قال: ما عليك، قال: ثم دخلت على أهلي فقدموا لي لبناً فشربت، قال: ما عليك، قال: ثم خرجت فوجدت ماءً فشربت -ضمئت فشربت- قال: يا بني أنت لم تتعود الصيام.
يعني المسألة فوضى بعد كل ساعة تأكل وجبة، ولو حدث أن إنساناً نسي فأفطر، ثم فتح الله عليه فنسي فتغدى، ثم أكل بعد العصر، ثم شرب شاي ثم قهوة ثم تناول تمراً فماذا عليه؟ نقول: أنت ناس ما عليك شيء في رمضان؛ لأن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286] قال: قد فعلت.
فالناسي والمكره والجاهل ليس عليهم شيء، فمن شرب أو أكل وهو ناس فالله قد عفا عنه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه، لأن الله هو الذي كتب عليه النسيان ليأكل وليشرب وصيامه صحيح.
ومن جامع ناسياً، كإنسان عنده أربع زوجات جامعهن في نهار رمضان ناسياً، ثم أتى إلى القاضي فقال: نسيت وجامعت أهلي أربع مرات هل هذا صحيح ينسى؟ بعض أهل الفقه يقولون: هذا لا يمكن أن ينسى؛ لأن هذا ليس من الأكل والشراب، ولذلك يقولون: لابد من الكفارة.
وابن تيمية يقول: لا، الناسي ليست عليه كفارة ولا قضاء، ويلحق بالآكل والشارب، وهذا هو الصحيح إن شاء الله، فإن الله عفا عن الناسي والجاهل في الأكل والشرب فيلحق به المجامع أيضاً، فالمجامع ليست عليه كفارة ولا قضاء؛ لأنه نسي وهذا المجامع الناسي والجاهل أما المتعمد فكفارته مرت كما سيأتي.