الحمد لله ولي الصالحين, ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين, وقائد الغر المحجلين, وشفيع المؤمنين ومحجة السالكين, وعلى آله وصحبه والتابعين.
يقول بعض المفكرين المعاصرين: من الاستحالات المنطقية اجتماع إسرائيل مع المسلمين، فلا تجتمع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله مع النجمة السداسية أبداً، قال: ووقع ما فعل أجدادهم مع موسى في شأن البقرة, وقع في هيئة الأمم المتحدة وفي مجلس الأمن، القرار الذي يدعو إلى انسحاب أبناء القردة والخنازير من أرض المعراج, ومن أرض المؤمنين, ومن أرض عمر بن الخطاب وصلاح الدين؛ ينص على الانسحاب من الأراضي المحتلة، ومعنى ذلك: أن تطهر البلاد منهم، فأتوا وقالوا: لا, ليست الأراضي, وإنما هي من أراضٍ محتلة.
فحذفوا (ال) التعريف كقولهم في البقرة, وقالوا: لا يمكن, ومعنى أرضٍ: أي أرض، ولو بقعة محدودة، يكفي أن نخرج من سيناء وطابة أو شيء من الجولان، ووقف العرب أمامهم بين (أل) التعريف , ولم يقفوا كما وقف صلاح الدين بالسيف.
تلك المكارم لا قعبان من لبن وهكذا السيف لا سيف بن ذي يزن
وهكذا يفعل الأبطال إن غضبوا وهكذا يعصف التوحيد بالوثن
في العالم اليوم أطروحة تسمى أطروحة التعايش السلمي، نبذ الأديان التي تفرق بين الشعوب، والتعايش السلمي بين الدول والشعوب، قالوا: وسبب الانزعاج والإزعاج هو الدين، فما فرق الأمم إلا مسلم، ويهودي، ونصراني، إذن نلغي هذه الأعلام والألقاب والأوسمة، ونبقى في تعايش سلمي تحت مظلة الإنسانية، وهذه هي مبادئ الماسونية , والله سُبحَانَهُ وَتَعَالى بعد قصة البقرة بآيات يحذرنا ويقطع علينا خط الرجعة؛ ألا نطمع في بني إسرائيل في اليهود، فلا تلد الحية إلا حية، ولو نسيت الكلاب نباحها، والخيل صهيلها، والغنم غثاؤها، والحمام هديره؛ لما نسي اليهودي عداءه للرسول عليه الصلاة والسلام، فقد نكت في دمائهم الخيانة، وقلة الأمانة، وعداء لا إله إلا الله، ويتبعهم أهل مدارسهم الذين تشبعوا بأفكارهم، وحملوا مدرستهم, شعروا أم لم يشعروا، قال الله بعد هذه القصة: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة:75] أتظنون أنهم سوف يسالمونكم ويؤمنون لمبادئكم ويكونون إخواناً لكم؟ {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ} [البقرة:75] لا، وقبل هذه الآية يقول: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة:74] أطعمهم الله المن والسلوى، ونجاهم من البحر، وظلل عليهم الغمام، وأنقذهم من فرعون، وسقاهم وأراهم الآيات، وأنزل عليهم الصحف، ثم قالوا: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة:64] {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة:64].