إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أشهد أن الدين خالص، وأن الرسول خاتم، وأن الكفر خاسر.
أيها الناس! يا أتباع محمد عليه الصلاة والسلام! يا حملة المبادئ الخالدة! عنوان هذه الخطبة: (شهيد المحراب).
من هو شهيد المحراب؟
الزمن: صلاة الفجر.
المكان: مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام.
المقتول: عمر بن الخطاب.
القاتل: أبو لؤلؤة المجوسي.
{وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عليهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:169 - 171].
من منكم لا يعرف عمر؟
مَنْ مِنَ الناس لم يسمع بـ عمر؟ السلام عليك يا عمر بن الخطاب يوم الجمعة، السلام عليك في هذه الساعة المباركة، السلام عليك يوم أسلمت، ويوم توليت، ويوم قتلت، ويوم تبعث حياً.
تردى ثياب الموت حمراً فما دجا لها الليل إلا وهي من سندسٍ خضر
ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعةٌ غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبرُ
فتىً كلما فاضت عيون قبيلةٍ دماً ضحكت عنه الأحاديث والذكر
الرسول صلى الله عليه وسلم، يترجم لـ عمر ثلاث رؤى في المنام، كلها لـ أبي حفص، وكلها صحيحة كالشمس:
الأولى: قال عليه الصلاة والسلام: {رأيت الناس البارحة يعرضون عليَّ وعليهم قمص -الأمة كلها تعرض عليه، وعليها قمص ثياب- منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما دون ذلك، وعرض عليَّ عمر بن الخطاب وعليه قميصٌ يجره، قالوا: ما أوَّلت ذلك يا رسول الله؟ قال: الدين} دينه مسبلٌ عليه، يغطي جسمه، ويقفو أثره.
يقول عليه الصلاة والسلام: {أتيت بلبن، فشربت منه، حتى أني أرى الريَّ يخرج من أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب، قالوا: ما أوَّلت ذلك يا رسول الله؟ قال: العلم} فهو دَينٌ عالم بعلم الكتاب والسنة، العلم الأصيل: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} [محمد:19].
يقول عليه الصلاة والسلام: {دخلت الجنة البارحة، فرأيت قصراً أبيض في الجنة، فقلتُ: لمن هذا؟ وأردت أن أدخله، قالوا: لـ عمر بن الخطاب، فذكرت غيرتك يا عمر، فلم أدخل القصر، فبكى عمر وقال: أمنك أُغار؟!} أُغار منك وأنا تلميذٌ من تلاميذك، وحسنةٌ من حسناتك؟!