ويؤخذ من هذه المقابلة والمحاورة أمور:
الأول: أن هذه الرسالة صادقةٌ صدقها الأعداء قبل الأصدقاء,.
شهد الأنام بفضله حتى العدا والحق ما شهدت به الأعداء
الأمر الثاني: أنه لا هداية، ولا نور، ولا فلاح إلا فيها، ومن اعتقد الفلاح في غيرها؛ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
الأمر الثالث: أنها عامة، وأنها عالمية، من لم يدخل فيها فلا قبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ولا كلاماً، ولا فتح له أبواب الجنة.
الأمر الرابع: أن الأتقى هو الأشرف في الرسالة، وهو الأقدم والأوسم والأعظم، فلا ميزة لغني عن فقير، ولا لنسيب عن مسكين، وإنما الميزة لمن عمل بهذه الرسالة واتقى الله فيها.
الأمر الخامس: أنه ينبغي تبليغها للناس كافة؛ ملوكاً ومملوكين، كباراً وصغاراً، أغنياء وفقراء، لأنها رسالة لأهل الأرض جميعاً.
الأمر السادس: أن على المسلم أن يتذوق حلاوة الإيمان؛ ليثبت الله الإيمان في قلبه، ويؤيده بروح منه، ويكتب هذا الدين في فؤاده {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:27].
الأمر السابع: أن الله نشر هذه الدعوة كما نشر الليل والنهار، فصارت مشرقة ومغربة، فانطفأت بشموسها أقمار ضلالة الأصنام، ونجوم عملاء الضلالة إلى أن تهاون المسلمون برسالتهم:
من الذي رفع السيوف ليرفع اسمك فوق هامات النجوم منارا
كنا جبالاً في الجبال وربما صرنا على موج البحار بحارا
بمعابد الإفرنج كان أذاننا قبل الكتائب يفتح الأمصارا
لم تنس أفريقيا ولا صحراؤها سجداتنا والأرض تقذف نارا
كنا نرى الأصنام من ذهب فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا
لو كان غير المسلمين لصاغها حلياً وحاز الكنز والدينارا
أرواحنا يا رب فوق أكفنا نرجو ثوابك مغنماً وجوارا
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.