{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة:46 - 47] وهذا نداء لبني إسرائيل: يا بني إسرائيل استحوا على وجوهكم، ويا من هم على أمثال بني إسرائيل فالخطاب عام قال تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة:47] في الآية قضايا منها النداء، وكانوا إذا أرادوا أن يهيجوا الرجل قالوا: يابن فلان، يابن المكارم.
يا أبا المجد يا بن ماء السماء يا سليل النجوم في الظلماء
طاغية من الطغاة حبس سبعين قاضياً اتهمهم أنهم يريدون قتله في ناحية من النواحي، فحبسهم وحلف أن يقتلهم جميعاً يوم الجمعة، فلما بقي ليوم الجمعة أربعة أيام ذهب هؤلاء القضاة، فأرسلوا رسائل إلى عالم من العلماء ولا بأس بهذا العالم، عالم جليل، فركب بغلته ونظم قصيدته إلى هذا الملك، ودخل على هذا السلطان المتجبر فقال له:
يا أبا المجد يابن ماء السماء يا سليل النجوم في الظلماء
فأجرني كـ المطعم بن عدي حين قال النبي في الإسراء
فقال السلطان: لقد أطلقتهم لك وعفوت عنهم.
لماذا؟! لأنه يمدحه يقول له: أنت ابن فلان أنت ابن الأخيار، فلذلك ينبغي للمسلم أن تكون هذه الكلمات في الدعوة على لسانه، يا فلان، يابن الأسرة الجليلة، يابن العابد، يابن الخاشع تفعل بنفسك هذا، أمَّا أن تقول: يا فاجر يا ابن الفاجر لماذا لم تصل؟! سوف يترك الصلاة ثم يكفر والعياذ بالله، هذا ليس بأسلوب قال الله لموسى ولهارون: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه:44] قالوا: كنياه يا أبا مرة مرر الله وجهه في النار.
المقصود قال: يا بني إسرائيل يعني: يا بني الرجل الصالح يعقوب عليه السلام، واسمه إسرائيل: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة:47] اذكروا نعمتي ليس ذكر اللسان، بعض الناس يقول: أنعم الله علينا بنعم ظاهرة وباطنة، فلله الحمد، لكن أعماله مخالفة وهذا ليس من الشكر وشكر النعم يكون بثلاث:
الأولى: باللسان: أن تعلنها في الناس قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى:11].
الثانية: بالجنَاَن: تعلم أنها من عند الله عز وجل.
الثالثة: بالفعل: تجعلها في مرضاة الله عز وجل وتعطي منها في سبيله تبارك وتعالى.